للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيل: كانَ أهلُ الجاهليَّة إذا نحروا البُدْنَ نضحوا الدِّماءَ حول البيت ولطَّخوه بالدَّم، فلمَّا حجَّ المسلمون أرادوا مثل ذلك، فنزلَتْ (١).

﴿كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ﴾ كرَّرَ التَّسخيرَ؛ تذكيرًا للنِّعمة، وتعليلًا بقوله:

﴿لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾؛ أي: لتَعْرفوه (٢) بإقداره إيَّاكم، وتعلموا أنَّه القادر على ما لا يقدر عليه غيره، فتصفوه بالكبرياء، وتشكروه على إنعامه عليكم بالهداية إلى طريق تسخيرها وكيفيَّة التَّقرُّب بها. فتعديتُه بـ ﴿عَلَى﴾ على تضمين معنى الشكر.

﴿وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾: المخلصين فيما يأتون به ويذرونه، وإنَّما ترك المُبَشَّر به للإشارة إلى أنَّه ممَّا لا يُعيِّنه العبارة (٣).

* * *

(٣٨) - ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾.

﴿إِنَّ اللَّهَ يَدْافَعُ﴾ وقرئ: ﴿يُدَافِعُ﴾ (٤)؛ أي: يبالغ في الدَّفع مبالغةَ مَن يُغالِبُ فيه.

﴿عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ حذف المفعول للتَّعميم، ثمَّ علَّلَ بقوله:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ﴾ في أمانةِ اللهِ ﴿كَفُورٍ﴾ لنعمته؛ أي: لا يحب


(١) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٧٠) عن ابن جريج.
(٢) في (ك): " لتفردوه"، وفي (ف): "لتفرحوا ". وفي "تفسير البيضاوي" (٤/ ٧٢): "لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء".
(٣) في (ف): "مما يعينه العبارة"، وفي (م): "مما لا يفيه العبارة".
(٤) فرأ ابن كثير وأبو عمرو: ﴿يدفع﴾، والباقون: ﴿يُدَافِعُ﴾. انظر: "التيسير" (ص: ١٥٧).