للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المشركين في الاهتداء، وتبعيدٌ لهم عن مظانِّه؛ لأن الموحِّدين المخلِصين في الأعمال إذا كان اهتداؤهم دائرًا بعسى ولعلَّ، فكيف يطمع فيه المشركون بأعمالهم المبنيَّة على الافتخار والرِّياء والمباهاة، والتَّقرب بها إلى العُزَّى واللَّات؟ ومنعُ (١) المؤمنين أن يغترُّوا بأحوالهم، ويتَّكلوا عليها.

* * *

(١٩) - ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾: السقاية والعمارة مصدران، والحدَث لا يُشَبَّهُ بالجثَّة، فلا بُدَّ مِنْ مُضْمَرٍ مَدلولٍ عليه بقرينةِ الفعلِ (٢) محذوفٍ للإيجاز، تقديرُه: أجعلتم أهلَ سقاية الحاجِّ وعمارةِ المسجد الحرام كمَن آمن، ويعضدُه قراءة: ﴿سُقاةَ الحاجِّ وعَمَرَةَ المَسْجِدِ﴾ (٣)، أو: سقايةً كإيمانِ مَنْ آمنَ.

والمعنى: إنكار أنْ يتشبَّه المشركون وأعمالُهم المحبَطةُ بالمؤمنين وأعمالِهم المثبَتةِ (٤).

وقوله: ﴿لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ﴾ تقريرٌ لذلك وتأكيدٌ له، وبيَّن عدمَ تساويهم بقوله:


(١) "ومنع"، معطوف على "قطعٌ".
(٢) في (ف) و (ك): "العقل".
(٣) نسبت لأبي وجزة السعدي. انظر: "النشر" (٢/ ٢٧٨).
(٤) في (ك): "المسة"، وفي (ف): "المشية"، وفي (م): "المشبة"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٣/ ٧٥).