﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ﴾: ما صحَّ لهم ﴿أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾: شيئًا منها، فضلًا عن المسجد الحرام، والمراد هو، وإنما جُمع لأنَّه قِبْلَةُ المساجد كلِّها وإمامُها، فعامرُه كعامر الجميع.
وقراءتها بالتوحيد في الموضعين (١) يوافق المعنيَيْن؛ لأن تعريفه يحتمل العهد والجنس.
﴿شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾ حال من الواو، وفيه إشارة إلى حالهم المنافية؛ أي: ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين: عمارةِ بيت الله تعالى، وعبادةِ غيره.
﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ التي يفتخرون بها من العمارة والحجابة والسِّقاية وفكِّ العُناة؛ لأنَّ الكفر الطَّارئ يهدِمُ الأعمال، فكيف بالمقارِن؟
﴿وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ لكفرهم، دون العصاة من المؤمنين.
* * *
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب الأولَ على التوحيد، وباقي العشرة على الجمع، ولا خلاف على الجمع في الثاني بينهم، إلا رواية ذكرها ابن مجاهد عن ابن كثير في غير المشهور عنه أنه قرأ بتوحيد الثاني. انظر: "السبعة" (ص: ٣١٣)، و"التيسير" (ص: ١١٨)، و"النشر" (٢/ ٢٧٨).