للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأفردَ العهد وجمع الأيمان لأنَّ الأوَّل يكون بالنِّيابة، فعهدُ (١) مقدَّمِ جماعةٍ يكون عهدًا لهم، دون الثَّاني فلا بُدَّ مِنْ صدور اليمين من كلِّ واحد منهم.

﴿وَطَعَنُوا﴾ الطَّعنُ: هو الاعتماد بالعيب، وأصله (٢): الاعتماد بالرمح.

﴿فِي دِينِكُمْ﴾ بصريح التَّكذيب وتقبيح الأحكام؛ أي: أظهروا النَّقض المذكور بالقول، ولا بُدَّ من إظهاره في إباحة القتال، وتخصيصُ الإظهار الأدنى بالذِّكرِ ليُعْلَم الحكم في الإظهار الأعلى، وهو ما يكون بالفعل بالطَّريق الأولى.

ولَمَّا كانَ ذِكْرُ الطَّعنِ في صددِ بيانِ أنَّ نقضَ العهد إنَّما يبيحُ القتل والقتال إذا كان ظاهرًا قولًا أو فعلًا (٣) لم يكن في الآية دلالة على أنَّ الذِّمِّيَّ إذا طعنَ في الدِّين يُنكَثُ عهدُه ويُباحُ قتلُه (٤).

﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ وضع الظَّاهر موضع الضَّمير للدلالة على أنَّ سياقَ الكلام في رؤسائهم، بناءً على أنَّ المعاهدة إنَّما تكون لهم (٥) بحسب العادة، فقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ﴾ تمهيدٌ له.

ولك أنْ تقول: إنَّ الجزاءَ في الحقيقة: فاقتلوهم، ولَمَّا كان قتلهم مسبوقًا بمقاتلة مقدَّميهم، ودفع مدافعة رؤسائهم من البين، نزَّلها منزلةَ الجزاء على طريقة الكناية بذكر الملزوم عن اللازم.


(١) كتب فوقها في (م): "فهو" ومعه علامة التصحيح.
(٢) في (ف): "أصله".
(٣) في (ك) و (م). "وفعلا".
(٤) في هامش (ف): "ومن لم يتنبه لهذ قال ما قال وماذا بعد الحق إلا الضلال".
(٥) في (ف) و (م): "بهم".