للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليهما للتنبيه على أن حقَّ المجاهد أن يَثبت في المعركة ولا يَفِرَّ حتى يُعِزَّ نفسه بالشَّهادة أو الدِّينَ بالظَّفَر والغلبة).

وقريبٌ من هذا تنبيهُه على استعمال لفظِ الربِّ دون غيره في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٥] حيث قال: (وفي عبارة الربِّ إيماءٌ إلى أنه تعالى يُربِّي عبدَه بفضله بلا توقُّفٍ على كسبه، كيف وقد ربَّاه وهو جنين؟ فحقُّه أن لا يتجاوز في طلب المكسبِ عن حدِّ الرُّخصة).

وعكسه: ﴿فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾ [الكهف: ١٤] قال: (لم يقل: (ربًا) لأنَّ جهة توحُّده تعالى ألوهيَّةٌ لا ربوبيَّة).

ومن محاسن تنبيهاته تنبيهُه على الحكمة من النداء بـ ﴿يَابَنِي آدَمَ﴾ في قصة إبليس مع آدم، حيث قال: (لا يخفى على الفطِن ما في هذا التعبير من الإشارة إلى أنهم مَظِنَّة الافتتان لكونهم ذريةُ من افتتن).

ومن ذلك قوله: (قال في صفةِ الحور: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ [الصافات: ٤٩] وفي صفة الولدان: ﴿كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ [الواقعة: ٢٣]، وأشار بذلك إلى أن الحور للصحبة دون الولدان؛ لأنَّ اللؤلؤ للنَّظر لا للذَّوق، والبَيض لهما).

ومن أحسن الأمثلة على هذا المنهج قولُه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ: (وإيلاءُ الضمير حرفَ النفي لتقويةِ الحكم وتأكيدِه، كما في قولِه تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٨]، وتقديمُ: ﴿عَلَيْنَا﴾ لمحافظةِ الفاصلةِ، وزيادةُ الباء في ﴿بِعَزِيزٍ﴾ لتأكيد النفيِ، وتنكيرُه للتقليلِ؛ أي: ليسَ لك علينا شيءٌ من جنس العزةِ).

<<  <  ج:
ص:  >  >>