للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه هي الفكرة النوعية التي أضفاها المقدسي على كتابة التأريخ ومنه على كتابة السيرة التي عدّت كما لا حظنا آنفا تجربة رائدة في مجال التدوين التاريخي انعكست آثارها على معالجة مفردات السيرة وطريقة عرضها وأسلوب طرحها.

٢. تخصيص مبحث مستقل من قسم السيرة الذي تضمنه هذا الكتاب للحديث عن بعض الأحكام المهمة والحيوية التي شرعها الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في حياته وعلة تشريعها «١٩٧» ، إذ علل قيامه بهذا الأمر بالقول: " إعلم أن أصول شريعة الإسلام مأخوذة من الكتاب والسنة وهي مشهورة معروفة يغني القرآن والسنة عند تعدادها وتكلف القول بتكرارها لأن فقهاء الأمة قد قاموا بتدوينها واجتهدوا في تأويلها ... غير أنا لم نستجز إخلاء هذا الكتاب عما يلائمه من ذلك لئلا يكون من طريق العجز ذكر شرائع أهل الأديان والسكون عن شريعتنا وهي لمن أشرف الشرائع وأعلى المراتب" «١٩٨» .

لم يكتف المقدسي بذكر هذه الشرائع التي سنها الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بل تعدادها إلى تبيان علة تشريعها والهدف من إيجادها، إذ تناول في الحديث الطهارة والعلة التي من أجلها شرعت مع اتصاف المسلمين بها «١٩٩» ، كذلك استعرض أحكام التيمم بالتراب عوضا عن الماء والغاية التي جعلت التيمم مقصورا عليه دون غيره «٢٠٠» ، وبين علة تحريم الميتة والدم لكراهة النفس ونفار الطبع لذلك وإجماع


(١٩٧) ينظر، البدء والتأريخ، ٥/ ٤٤- ٥٥.
(١٩٨) المصدر نفسه، ص ٤٤- ٥٥.
(١٩٩) ينظر، البدء والتأريخ، ٥/ ٤٦- ٤٧.
(٢٠٠) ينظر، المصدر نفسه، ٥/ ٤٨- ٤٩.

<<  <   >  >>