نَأْتِهِمْ جَمِيعًا يَرَوْا أَنَّا قَدِ احْتَفَلْنَا بِهِمْ! فَلا تَزِدْهُمْ عَلَى رَجُلٍ، فَمَالَئُوهُ جَمِيعًا عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: فَسَرِّحُونِي، فَسَرَّحَهُ، فَخَرَجَ رِبْعِيٌّ لِيَدْخُلَ عَلَى رُسْتُمَ عَسْكَرَهُ، فَاحْتَبَسَهُ الَّذِينَ عَلَى الْقَنْطَرَةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى رُسْتُمَ لِمَجِيئِهِ، فَاسْتَشَارَ عُظَمَاءَ أَهْلِ فَارِسَ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ؟ أَنُبَاهِي أَمْ نَتَهَاوَنُ! فَأَجْمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى التَّهَاوُنِ، فَأَظْهَرُوا الزِّبْرِجَ، وَبَسَطُوا الْبُسُطَ وَالنَّمَارِقَ، وَلَمْ يَتْرُكُوا شَيْئًا، وَوُضِعَ لِرُسْتُمَ سَرِيرُ الذَّهَبِ، وَأُلْبِسَ زِينَتَهُ مِنَ الأَنْمَاطِ وَالْوَسَائِدِ الْمَنْسُوجَةِ بِالذَّهَبِ وَأَقْبَلَ رِبْعِيٌّ يَسِيرُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ زَبَّاءٌ قَصِيرَةٌ، مَعَهُ سَيْفٌ لَهُ مَشُوفٌ، وَغَمْدُهُ لِفَافَةُ ثَوْبٍ خَلِقٍ، وَرُمْحُهُ مَعْلُوبٌ بِقدٍّ، مَعَهُ حَجَفَةٌ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ، عَلَى وَجْهِهَا أَدِيمٌ أَحْمَرُ مِثْلُ الرَّغِيفِ، وَمَعَهُ قَوْسُهُ وَنَبْلُهُ فَلَمَّا غَشِيَ الْمَلِكَ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ وَإِلَى أَدْنَى الْبُسُطِ، قِيلَ لَهُ: انْزِلْ، فَحَمَلَهَا عَلَى الْبِسَاطِ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ عَلَيْهِ، نَزَلَ عَنْهَا وَرَبَطَهَا بِوِسَادَتَيْنِ فَشَقَّهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَبْلَ فِيهِمَا، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَنْهَوْهُ، وَإِنَّمَا أَرَوْهُ التَّهَاوُنَ وَعَرَفَ مَا أَرَادُوا، فَأَرَادَ اسْتِحْرَاجَهُمْ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ كَأَنَّهَا أَضَاةٌ وَيلمقُهُ عَبَاءَةُ بَعِيرِهِ، قَدْ جَابَهَا وَتَدَرَّعَهَا، وَشَدَّهَا عَلى وَسَطِهِ بِسَلَبٍ وَقَدْ شَدَّ رَأْسَهُ بِمعْجَرَتِهِ، وَكَانَ أَكْثَرَ الْعَرَبِ شعرة، ومعْجَرَتُهُ نِسْعَةُ بَعِيرِهِ، وَلِرَأْسِهِ أَرْبَعُ ضَفَائِرَ، قَدْ قُمْنَ قِيَامًا، كَأَنَّهُنَّ قُرُونُ الْوَعْلَةِ فَقَالُوا: ضَعْ سِلاحَكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكُمْ فَأَضَعُ سِلاحِي بِأَمْرِكُمْ، أَنْتُمْ دعوتموني، فان ابيتم ان آتيكم كما اريد رَجَعْتُ فَأَخْبِرُوا رُسْتُمَ، فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ، هَلْ هُوَ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ! فَأَقْبَلَ يَتَوَكَّأُ عَلَى رمحه، وزجه نصل يقارب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute