الخطو، وَيَزُجُّ النَّمَارِقَ وَالْبُسُطَ، فَمَا تَرَكَ لَهُمْ نِمْرِقَةً وَلا بُسَاطًا إِلا أَفْسَدَهُ وَتَرَكَهُ مُنْهَتِكًا مُخْرَقًا، فَلَمَّا دَنَا مِنْ رُسْتُمَ تَعَلَّقَ بِهِ الْحَرَسُ، وَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَرَكَّزَ رُمْحَهُ بِالْبُسُطِ، فَقَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ:
إِنَّا لا نَسْتَحِبُّ الْقُعُودَ عَلَى زِينَتِكُمْ هَذِهِ فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟
قَالَ: اللَّهُ ابْتَعَثَنَا، وَاللَّهُ جَاءَ بِنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الإِسْلامِ، فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ لِنَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ، فَمَنْ قَبِلَ مِنَّا ذَلِكَ قَبِلْنَا ذَلِكَ مِنْهُ وَرَجَعْنَا عَنْهُ، وَتَرَكْنَاهُ وَأَرْضَهُ يَلِيهَا دُونَنَا، وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ أَبَدًا، حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى مَوْعُودِ اللَّهِ.
قَالَ: وَمَا مَوْعُودُ اللَّهِ؟ قَالَ: الْجَنَّةُ لِمَنْ مَاتَ عَلَى قِتَالِ مَنْ أَبَى، وَالظَّفْرِ لِمَنْ بَقِيَ فَقَالَ رُسْتُمُ: قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكُمْ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تُؤَخِّرُوا هَذَا الأَمْرَ حَتَّى نَنْظُرَ فِيهِ وَتَنْظُرُوا! قَالَ: نَعَمْ، كَمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ؟ أَيَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ؟
قَالَ: لا بَلْ حَتَّى نُكَاتِبَ أَهْلَ رَأْيِنَا وَرُؤَسَاءَ قَوْمِنَا وَأَرَادَ مُقَارَبَتَهُ وَمُدَافَعَتَهُ، فَقَالَ: إِنَّ مِمَّا سَنَّ لَنَا رسول الله ص وَعَمِلَ بِهِ أَئِمَّتُنَا، أَلا نُمَكِّنَ الأَعْدَاءَ مِنْ آذَانِنَا، وَلا نُؤَجِّلَهُمْ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ، فَنَحْنُ مُتَرَدِّدُونَ عَنْكُمْ ثَلاثًا، فَانْظُرْ فِي أَمْرِكَ وَأَمْرِهِمْ، وَاخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاثٍ بَعْدَ الأَجَلِ، اخْتَرِ الإِسْلامَ وَنَدَعُكَ وَأَرْضَكَ، أَوِ الْجَزَاءَ، فَنَقْبَلَ وَنَكُفَّ عَنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ عَنْ نَصْرِنَا غَنِيًّا تَرَكْنَاكَ مِنْهُ، وَإِنْ كُنْتَ إِلَيْهِ مُحْتَاجًا مَنَعْنَاكَ أَوِ الْمُنَابَذَةِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَلَسْنَا نَبْدَؤُكَ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ إِلا أَنْ تَبْدَأَنَا، أَنَا كَفِيلٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِي وَعَلَى جَمِيعِ مَنْ تَرَى قَالَ: أَسَيِّدُهُمْ أَنْتَ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، يُجِيرُ أَدْنَاهُمْ عَلَى أَعْلاهُمْ فَخَلَصَ رستم برءوساء أَهْلِ فَارِسَ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ؟ هَلْ رَأَيْتُمْ كَلامًا قَطُّ أَوْضَحَ وَلا أَعَزَّ مِنْ كَلامِ هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ لَكَ أَنْ تَمِيلَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَتَدَعَ دِينَكَ لِهَذَا الْكَلْبِ! أَمَا تَرَى إِلَى ثِيَابِهِ! فَقَالَ: ويحكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute