إِلَى سَعْدٍ بِالْخَبَرِ وَبِأَعْلاجٍ وَأَفْرَاسٍ، وَشَكَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، أَمَّا قَيْسٌ فَشَكَا عِصْيَانَ عَمْرٍو، وَأَمَّا عَمْرٌو، فَشَكَا غِلْظَةَ قَيْسٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا عَمْرُو، الْخَبَرُ وَالسَّلامَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُصَابِ مِائَةٍ بِقَتْلِ أَلْفٍ، أَتَعْمَدُ إِلَى حَلَبَةِ فَارِسَ فَتُصَادِمُهُمْ بِمِائَةٍ! إِنْ كُنْتُ لأَرَاكَ أَعْلَمَ بِالْحَرْبِ مِمَّا أَرَى فَقَالَ: إِنَّ الأَمْرَ لَكُمَا قُلْتُ، وَخَرَجَ طُلَيْحَةُ حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَهُمْ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَتَوَسَّمَ فِيهِ، فَهَتَكَ أَطْنَابَ بَيْتِ رَجُلٍ عَلَيْهِ، وَاقْتَادَ فَرَسَهُ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى مَرَّ بِعَسْكَرِ ذِي الْحَاجِبِ، فَهَتَكَ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ بَيْتَهُ، وَحَلَّ فَرَسَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى الْجَالِنُوسِ عَسْكَرَهُ فَهَتَكَ عَلَى آخَرَ بَيْتَهُ، وَحَلَّ فَرَسَهُ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى الْخَرَّارَةَ، وَخَرَجَ الَّذِي كَانَ بِالنَّجَفِ، وَالَّذِي كَانَ فِي عَسْكَرِ ذِي الْحَاجِبِ فَاتَّبَعَهُ الَّذِي كَانَ فِي عسكر الجالنوس، فكان اولهم لحاقا به الجالنوس، ثُمَّ الْحَاجِبِيُّ، ثُمَّ النَّجَفِيُّ، فَأَصَابَ الأَوَّلَيْنِ، وَأَسَرَ الآخِرَ وَأَتَى بِهِ سَعْدًا فَأَخْبَرَهُ، وَأَسْلَمَ، فَسَمَّاهُ سَعْدٌ مُسْلِمًا، وَلَزِمَ طُلَيْحَةَ، فَكَانَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْمَغَازِي كُلِّهَا.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن أبي عمرو، عن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ قَدْ عَهِدَ إِلَى سَعْدٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى فَارِسَ، أَلا يَمُرَّ بِمَاءٍ مِنَ الْمِيَاهِ بِذِي قُوَّةٍ وَنَجْدَةٍ وَرِيَاسَةٍ إِلا أَشْخَصَهُ، فَإِنْ أَبَى انْتَخَبَهُ، فَأَمَّرَهُ عُمَرُ، فَقَدِمَ الْقَادِسِيَّةَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الأَيَّامِ، وَأُنَاسٍ مِنَ الْحَمْرَاءِ اسْتَجَابُوا لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَعَانُوهُمْ، أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ الْقِتَالِ، وَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ غِبَّ الْقِتَالِ، فَأُشْرِكُوا فِي الْغَنِيمَةِ، وَفُرِضَتْ لَهُمْ فَرَائِضُ أَهْلِ الْقَادِسِيَّةِ:
أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، وَسَأَلُوا عَنْ أَمْنَعِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَعَادُوا تَمِيمًا، فَلَمَّا دَنَا رُسْتُمُ، وَنَزَلَ النَّجَفَ بَعَثَ سَعْدٌ الطَّلائِعَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصِيبُوا رَجُلا لِيَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِ فَارِسَ، فَخَرَجَتِ الطَّلائِعُ بَعْدَ اخْتِلافٍ، فَلَمَّا اجمع ملا النَّاسَ أَنَّ الطَّلِيعَةَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ سَمُحُوا، فَأَخْرَجَ سَعْدٌ طُلَيْحَةَ فِي خَمْسَةٍ، وَعَمْرَو بْنَ مَعْدِيكَرِبَ فِي خَمْسَةٍ، وَذَلِكَ صَبِيحَةَ قدم رستم الجالنوس وذا الحاجب، ولا يشعرون بفصولهم مِنَ النَّجَفِ، فَلَمْ يَسِيرُوا إِلا فَرْسَخًا وَبَعْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute