للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتقد أن الذي يسع الإنسان ولو على سبيل التقليد ولا بأس بالتقليد إذا تاربت الأدلة - هو مذهب الجمهور فنقول من قطع ثمانين أو ثمان وثمانين كيلو أنه يتعبر مسافراً وتنضبط القضية ولا يشكل على الناس أي قضية بعد أن حددت لهم الأمر بالمسافة.

ومن المفيد أن تستحضر أثناء دراسة مسألة تحديد السفر بالمسافات أن الصحابة كلهم حددوا بالمسافة وإن اختلفوا في مقدارها.

فأنس رضي الله عنه تقدم معنا أنه حددها بثلاثة فراسخ وابن عمر رضي الله عنه مشهور عنه التحديد بأكثر من حد وابن عباس رضي الله عنه فكلهم حددوا بالمسافة ولم يرو عن أحد منهم التحديد بغير المسافة. وشيخ الاسلام يقول: أن تحديد الصحابة بالمسافة مع اختلافهم واختلاف الرجل الواحد منهم دليل على أنهم كانوا يفتون كل شخص بحسب حاله أي أنهم يرجعون إلى العرف. ونحن نقول: أن هذا التخريج لفتاوى الصحابة قد يكون مقبولاً لكن مع ذلك نحن نعلم قطعاً أنهم اتفقوا على التحديد بالمسافة ربما رجوعاً إلى العرف وربما لأمر آخر لكن في الخلاصة والنتيجة نهم حددوا بالمسافة وعليه نحن نقلد الصحابة رضي الله عنهم ونحدد بالمسافة.

ويبقى أي المسافات نختار فكما قلت لكم الاحتياط والأضمن مذهب الجمهور - الشافعية والمالكية والحنابلة - والأقوى دليلاً أن يكون الإنسان إذا قطع اثنين وعشرين كيلو أنه يعتبر مسافراً.

هذا ثانياً.

- وثالثاً: شيخ الاسلام رحمه الله لا يريد أبداً بقوله العرف قصر المسافة. يعني: أنه لا يريد أن من قطع - مثلاً - تسعين كيلو قد لا يكون مسافراً أو من قطع سبعين كيلو قد لا يكون مسافراً بل يريد رحمه الله أقل من ذلك لا كما فهمه بعض الناس أن قول شيخ الاسلام يقلل المسافة التي حددها الجمهور الدليل على لذلك أن شيخ الاسلام رحمه الله نفسه في الفتاوى يقول: عبارة معناها: والمرجع في السفر إلى ما تعارف عليه الناس أنه سفراً كخروج أهل مكة إلى عرفة.

وأخذنا أن بين مكة وعرفة مسافة بريد فهو رحمه الله يريد أن يقصر المسافة التي حددها الجمهور هو يقول: أنتم تقولون أن الإنسان لا يسمى مسافراً حتى يقطع مسيرة أربعة برد وهو يقول بل يكفي أن يقطع بريداً واحداً ليكون مسافراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>