للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

[أحكام قصر الصلاة]

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.

ذكرت في الدرس السابق أن مسألة تحديد المسافة التي إذا قطعها المسافر جاز له أن يقصر وأن يترخص بأحكام السفر أنها مسألة فيها إشكال وتداخلت أقوال الفقهاء فيها وذكرت:

= القول الأول وهو مذهب الجمهور.

والقول الثاني: وهو مذهب الظاهرية وليس معهم ابن حزم ورجحت أنه ثلاثة (فراسخ) احتياطاً وأن الثلاثة فراسخ تساوي بالكيلو المعاصر ستة عشر كيلو.

= القول الثالث: وهو مذهب الأحناف الذي اشتهروا به وهو أن المسافة مسيرة ثلاثة أيام. وهي تساوي بالكيلو = مائة وثلاثة وثلاثون تقريباً = ١٣٣ك. وهذا التحديد هو أطول تحديد عند الفقهاء.

واستدلوا على هذا:

- بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم).

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم على المرأة التي تقطع مسيرة ثلاثة أيام أنها مسافرة لقوله: (تسافر).

والجواب على هذا الاستدلال: أن هذا الحديث في الصحيحين وفي رواية في الصحيح: (تسافر مسيرة يومين) وفي رواية في الصحيح أيضاً: (تسافر مسيرة يوم) وفي رواية خارج الصحيحين وهي في السنن: (تسافر مسيرة أو سير بريد).

فلما خرت ألفاظ الحديث مختلفة دَلَّ ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقصد التحديد أي: لا يقصد أن ما دون الثلاثة أيام أنه لا يسمى سفراً.

= القول الرابع: أن المرجع في ذلك إلى العرف لأن الله سبحانه وتعالى أطلق السفر في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم أطلق السفر في سنته ولم يأت عنهما تحديد للمسافة وتحديد ما أطلقه الشارع لا يجوز.

ثم المسافات وتحديدها ومقدارها ليس معروفاً للناس وإنما يعرفه أهل الاختصاص فقط لا سيما في القديم.

وهذا القول اختيار شيخ الاسلام وابن القيم ونسب عند بعض المعاصرين خطأ لابن حزم - فالصواب أن هذا ليس قولاً لابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>