كان قد قرب، فرأى والي مصر محمد باشا الألباني ان لا ينتظر ورود الامر السلطاني من الآستانة خوفا من ازدياد التصدع في الكعبة المشرفة فأرسل رضوان آغا من حاشية البلاط العثماني، مندوبا من قبله الى مكة المكرمة وخوله صلاحية تامة لاتخاذ التدابير المستعجلة، فوصلها يوم ٢٦ شوال من السنة المذكورة، وشرع يوم الثلاثاء تاسع والعشرين من الشهر المذكور بمهمته، حيث عقد مجلسا في بيت الله الحرام للمذاكرة في تنظيف المسجد مما قد تراكم فيه من اطمار السيل، وكانت الاتربة قد تحجرت من تأثير حرارة الشمس، فكانت اكثرية الآراء بجانب رضوان آغا بالموافقة على التنظيف، أما الأقلية وعلى رأسها محمد بن علي بن علان فكانت مخالفة لذلك، طالبة الانتظار لورود الأمر من السلطان الذي هو ولي الأمر، ولم تقف مخالفة الاقلية عند هذا الحد، بل كانت تظهر مخالفتها في كثير من الأوقات، أثناء عمارة الكعبة فاضطر رضوان آغا مراجعة العلماء واستفتائهم في المسائل التي يعلن محمد علي بن علان مخالفته لها مرات عديدة، وقد ذكر ايوب صبري باشا هذه الفتاوى وأجوبة العلماء عليها في كتابه مرآت الحرمين بنصها باللغتين العربية والتركية. وأخيرا تغلب رضوان آغا على رأي مخالفيه وشرع في العمل، فأحضر كافة الوسائط النقلية الموجودة في جدة والمدينة والقنفدة، ونظف الحرم والشوارع المطيفة به من الطين الذي غشيه، وكان كالجبال الراسيات، فكان ينقل ٣٠ - ٤٠ الف حمل يوميا، الى ان انتهى العمل يوم الثلاثاء الموافق ١٩ ذي القعدة، ثم انصرف رضوان آغا بعد ذلك الى تصليح ما خربه السيل في الشوارع والبرك، والعيون، ومدرج منى فانتهى من ذلك يوم الخميس تاسع ربيع الثاني من عام الف وأربعين، وكان وصل خلال هذه المدة آلات ومؤن من مصر لعمل بناء الكعبة، تحتوي على ما يأتي كما ذكرها ابن علان:
(٩٨) سواحي مجوزة و (٦٧) سواحي مفردة و (٢٤) سوبرا، (٤٩) نارا وعشرة قرابا وقاضن و (١٢) لوح خشب بكر ودوامس، ومحمسات،