للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التكليف مشروط بالعلم والوسع، ولا ينافي ذلك أنهم يوجبون قضاء هذه الصلاة، كما توهمه بعضهم، فإيجابها بخطاب آخر، يستلزمه الشرط مع السهو، فاشتراط الطهارة مع السهو، عائد إلى الأمر بالإعادة بعد التذكر.

وأما استشهاد الزركشي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بمسألة من صلى بنجس ناسيا، أو إلى غير القبلة خطأ، فغير بين، وذلك أن شرطية بعض الشروط مشروطة بالذكر والقدرة، فعدمه لا يستلزم مخالفة الإذن مطلقا.

هذا وذكر ابن عاشور ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ أن تعريف الفقهاء يقتضي اختصاص الصحة بالفرض، وهذا بين، على أن المراد بالقضاء في قولهم: أسقط القضاء، القضاء بالمعنى الآتي، الذي هو فعل العبادة خارج وقتها الذي حدده الشرع لها، لكن هذا يقتضي أيضا عدم دخول وصف الصحة في الحج.

فإن قيل: الحج يصير موقتا بالشروع فيه، قلنا: كذلك نفل الصوم، والصلاة، والعمرة، والاعتكاف.

واستعمال الفقهاء يقتضي أن المراد بالقضاء، الفعل ثانية، أعم من كونه في الوقت أو لا، الذي هو الإعادة كما سيأتي قريبا ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ وهو مقتضى ما عُلل به كل من القولين، وإن كان كلام القرافي في شرح التنقيح صريحا في مثل ما لابن عاشور ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ وعليه فالنوافل التي تقدم أنها تتعين بالشروع توصف بالصحة، وإن كان في الصوم والصلاة إنما يؤمر بالقضاء حيث كان وقوع البطل عن عمد اختياري، ووصف تلك القرب بالصحة والبطلان معلوم في كلام الفقهاء، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهْي وفاقه لنفس الامر … أو ظن مأمور لدى ذي خُبْر

أشار بهذا إلى ما ذكره تقي الدين السبكي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ من أن صحة العبادة هي موافقتها للإذن، لكن المعتبر عند الفقهاء الموافقة في نفس الأمر، وعند المتكلمين الموافقة في ظاهر الأمر، وليس إسقاط القضاء مشترطا حتى عند الفقهاء، وبنى ذلك على أن الصحة تقع في كلامهم على ما لا يكون مغنيا عن القضاء.

بصحة العقد يكون الأثر … وفي الفساد عكس هذا يظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>