فأقام في قرية المتينة أياماً ثم رجع إلى زبيد يوم الثالث والعشرين من الشهر المذكور.
وفي أول شعبان وصل العلم إلى السلطان أن الإمام في جمع عظيم وإنه يريد الخروج على بعض النواحي. ثم وصلت الكتب أن الإمام يريد الخروج إلى تعز. ووصل الخبر بذلك صبح يوم الجمعة الرابع والعشرين فبرز آخر يومه ذلك. وسار آخر ليلة السبت الخامس والعشرين من الشهر المذكور يريد تعز. وفي ذلك اليوم قصد الإمام جبلة ونهب بعضها وكان أهلها متخاذلين. ودخل السلطان تعز يوم الاثنين السابع العشرين من الشهر المذكور. ولما علم الإمام بوصول السلطان رجع مدبراً وقد عث عسكره في البلاد فأقام السلطان في تعز وصام رمضان فيها. وفي يوم الخامس والعشرين من الشهر المذكور استمر القاضي وجيه الدين عبد الرحمن بن علي بن عباس وزيراً وكان إليه قضاء الأقضية كما ذكرنا أولاً.
وفي شهر رمضان المذكور وصل العلم بظهور تيمورلنك التركي واستيلائه على مملكة الشرق وانه متوجه إلى الشام. وفي عيد الفطر من هذه السنة أمر السلطان أولاده بالركوب إلى الميدان ولم يكونوا خرجوا قبل ذلك.
وفي هذه السنة توفي الطواشي أمين الدين أهيف المجاهدي كان رجلاً حازماً شديد البأس صعب المراس سفاً كافتاً كافظاً غليظاً حازماً دهياً أبياً عظيم الهيبة شديد النفس وكان شجاعاً مقداماً في الحرب ناصحاً للسلطان خدم أربعة من الملوك وهم: المؤيد والمجاهد والأفضل والأشرف. وكان يجل العلماء ويحترمهم وله مكارم أخلاق وعقيدة صادقة. أقام ولياً في بيد خمس عشرة سنة إلا أياماً قلائل. وكان قليل الطمع في أموال الناس متدنياً في نفسه لا يكون إلا على طهارة كاملة لا يعرف شيئاً من النفاق إلا أنه طائش السيف أتلف كثيراً من الناس بحق وباطل تجاوز الله عنه.
وفي هذه السنة ظهر جواد كثير في اليمن فاتلف معظم زرع البلاد وطائفة من نخل زبيد. وفي غرة ذي القعدة توجه السلطان إلى زبيد فدخلها يوم الخميس من الشهر المذكور.