للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السلام، في بدايات الوحي، وكلمه ملك الجبال -عليه السلام-، وهذا ملك آخر -عليه السلام-، استأذن في وبشارته إياه، وقد بشره ملك ببركة سورة الفاتحة في المدينة، وكانت مما نزل عليه بمكة، فصلته بالملأ الأعلى دائمة، فهو المصطفي المختار ليبلغ عن ربه ما يوحى إليه -صلى الله عليه وسلم-، وقد بشره هذا الملك بأنه جاءه بما أنزل عليه من ربه، وأنه حق وليس بباطل، وبهذا المعنى ورد قول الله -عز وجل-: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} (١)، وبمعنى البيان والوضوح ورد قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ} (٢)، المحكم في لفظه البيّن في معناه، فكملت هدايته للبشر رحمة بهم.

قوله: «والسكينة صبرا» جعل الله تعالى فيه السكينة والوقار، والأمن والاستقرار، والرحمة، وسماها صبرا؛ لأنها من الأمور الباعثة على الطاعة والعمل، وتحتاج النفس إلى مجاهدة لتسكن، فإذا سكنت نفس العبد اطمأن وهدأ، وقد امتن الله بها على عباده فقال: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (٣)، وكان يوصي بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل الأحوال، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- للناس في الحج: «يا أيها الناس عليكم السكينة» (٤)، وعند إقامة


(١) الآيتان (١٢، ١٣) من سورة الطارق.
(٢) الآية (٥٢) من سورة الأعراف.
(٣) الآية (٢٦) من سورة التوبة.
(٤) الترمذي حديث (٨١١) وقال حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>