للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- ومما اتخذ شبهة على صدق أبي هريرة في الحديث أنه كان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك الصبح، وهو جنب فلا يصم" ويفتي به الناس فبلغ ذلك عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، فأنكرتا عليه وذكرتا "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر، وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم"، فرجع إلى حديثهما وقال: كذلك حدثني الفضل بن العباس، وأسامة بن زيد عنه صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين أعلم بمثل ذلك من الرجال.

والجواب: أن أبا هريرة لم يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما سمعه من الفضل، وأسامة عنه صلى الله عليه وسلم، وهما من أهل الصدق والأمانة، ولكن لما ترجح لديه حديث عائشة، وأم سلمة رجع إليه وترك فتواه اتباعا للحق، وأما حديث الفضل وأسامة فقد أجاب عنه العلماء بأجوبة "منها" أنه معارض بما هو أقوى منه، فيترك العم به إلى الأرجح "ومنها" أنه كان في مبدأ فرض الصيام حين كان الأكل، والشرب والجماع محرما بعد النوم، ثم أباح الله ذلك كله إلى طلوع الفجر، فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه، فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر، فدل على أن حديث عائشة وأم سلمة ناسخ لحديث الفضل، وأسامة ولم يبلغهما ولا أبا هريرة الناسخ، فاستمر أبو هريرة على الفتيا به، ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه قال في فتح الباري "٤-١٢٨": "وفيه فضيلة لأبي هريرة لاعترافه بالحق ورجوعه إليه".

ج- قالوا: روى أبو هريرة حديث: "لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة"، فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيخالطها البيعير الأجرب فيجربها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن أعدى الأول".

<<  <   >  >>