للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوة حفظ وزهد في الدنيا، وتفرغ لتحصيل العلم، ولكنه لم تطل به الحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يتسع له زمن الأداء كما اتسع لأبي هريرة وغيره ممن ذكرنا.

توفي ابن مسعود بالكوفة، وقيل بالمدينة سنة ٣٢هـ عن بضع وستين سنة.

تفاوت الصحابة في رواية الحديث:

كان الصحابة رضي الله عنهم معنيين بحفظ الحديث، وكانوا يختلفون في ذلك قلة وكثرة، ولذلك أسباب خاصة تعرف من ترجمة كل صحابي على حدة وأسباب عامة نجملها لك فيما يلي:

أولا: الاشتغال بالخلافة والحروب عاق كثيرا من الصحابة عن تحمل الحديث وروايته كما في الخلفاء الأربعة وطلحة والزبير، وعلى العكس من ذلك مكن التفرغ من هذه الشواغل لكثير من الصحابة في كثرة التحمل والأداء، كما في أبي هريرة وعائشة وابن عمر وغيرهم.

ثانيا: طول الصحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكثرة ملازمته سفرا وحضرا وانفساح الأجل بعد وفاته، كان مدعاة للإكثار من تحمل الحديث، وروايته كما في ابن مسعود وأبي هريرة، وجابر بن عبد الله وأنس وابن عمر وغيرهم، ولهذا قلت أو عدمت رواية من مات في عهد النبوة أو بعدها بقليل، كما قلت رواية من لم تطل صحبته أولم تكثر ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثا: تجدد الحوادث، واحتياج الناس إلى بيان أحكامها، كان سببا في كثرة الأداء والرواية، والحرص على طلب الحديث، حتى تعرف الأحكام الشريعة في مثل هذه الحوادث، التي لم يكن لهم عهد بمثلها فلهذا

<<  <   >  >>