وقد عرف كبار الصحابة له أيضا منزلته في العلم، ورسوخه فيه فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى أهل الكوفة:"بعثت إليكم عمارا أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أهل بدر، فاقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي"، وناهيك بهذه الشهادة من مثل عمر بن الخطاب لا سيما قوله:"وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي"، وعمر هو عمر الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه، والذي كان يرى الرأي فينزل به القرآن، وإنما يعرف الفضل من الناس ذووه. وهذا أبو الدرداء يقول حين توفي ابن مسعود:"ما ترك بعده مثله".
روى الحديث عن ابن مسعود خلق كثير: فمن الصحابة أبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وابن عباس وابن عمر، وجابر وأنس وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وأبو رافع إلى غير هؤلاء من الأعلام. ومن التابعين علقمة وأبو وائل والأسود، ومسروق وعبيدة وقيس بن أبي حازم، وغيرهم من كبار التابعين.
مروياته:
روى لابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانمائة وثمانية وأربعون حديثا، اتفق الشيخان منها على أربعة وستين حديثا، وانفرد البخاري بأحد وعشرين حديثا، ومسلم بخمسة وثلاثين حديثا.
كنا ننتظر أن يبلغنا عن ابن مسعود أضعاف ما بلغنا عنه من الحديث، لما رأيت من تقدم إسلامه، وشدة ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الأمر الذي مكنه من تحمل كثير عنه، فقد شاهد عصر النبوة جميعه، مع ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم، وشدة حرصه على الحديث