للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحاصل: أن الأول: جمعه في صدرك، والثاني: تلاوته، والثالث: توضيحه، كذا في "القسطلاني" وابن كثير (١).

والمناسبة بجزء الترجمة وهو الوحي ظاهر، وبالبدء؛ لأن حاله هذا كان في البدء قبل نزول هذه الاية، وعلى أصل شيخ الهند كونه عزَّ اسمه محافظًا للفظه وبيانه ظاهر في عظمته، وكتب حضرة شيخ الهند في "تراجمه" ما تعريبه: أنه يستفاد من الحديث عدة أمور مهمة، منها: إتيان جبرئيل - عليه السلام - بالوحي عليه، وكون الشدة عليه - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الوحي، حتى إنه - عليه الصلاة والسلام - كان يقرأ بنفسه مع جبرئيل - عليه السلام - للشدة المذكورة، وبذل جهده - صلى الله عليه وسلم - لضبط الوحي، وقد تكفل البارئ عَزّ اسمه بفضله ورحمته جمعه وقرآنه، فقال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٧]، فسهل الأمر وارتفع خوف السهو والخطأ والنسيان عنه - صلى الله عليه وسلم -، فحصل بذلك الاطمئنان له - عليه الصلاة والسلام -، وعلم بأن الذات القدسية المبدأ للوحي هي المتكفلة بحفظه، فحصل الاعتماد الكلي على الوحي، انتهى.

قلت: قال عزّ اسمه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩].

({إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ})، أي: في صدرك ({وَقُرْآنَهُ})، أي: قراءتك إياه وجريانه على لسانك.

({فَإِذَا قَرَأْنَاهُ})، أي: عليك بقراءة جبرئيل - عليه السلام - ({فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ})، أي: استمع قراءته.

(ح) فيه ستة أقوال على ما تفحَّصت وبسطت في مقدمة "الأوجز" (٢)، مرجعها إلى قولين: الأول: أنه خاء معجمة، والآخر: أنه حاء مهملة.

وعلى الأول احتمالان: أحدهما: إشارة إلى آخر الحديث، فهو مخفف من "إلخ"، وثانيهما: إشارة إلى قوله بسند آخر.


(١) انظر: "إرشاد الساري" (١/ ١١٩)، و"البداية والنهاية" (٣/ ٢٢).
(٢) انظر: "مقدمة الأوجز" (١/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>