للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال النووي: ومما يحتاج إليه المعتني بـ "صحيح البخاري":

فائدة ننبه عليها: وهي أنه تارةً يقول: تابعه مالك عن أيوب، وتارة يقول: تابعه مالك، ولا يزيد، فإذا قال: مالك عن أيوب فظاهر، وأما إذا اقتصر على: تابعه مالك، فلا يُعْرَف لمن المتابعة إلا من يَعْرِف طبقات الرواة ومراتبهم.

وقال الكرماني (١): فعلى هذا لا يعلم أن عبد الله يروي عن الليث أو غيره.

قلت: الطريقة في هذا أن تنظر طبقة المتابِع بكسر الباء، فتجعله متابِعًا لمن هو في طبقته بحيث يكون صالحًا لذلك، كذا في "العيني" (٢)، انتهى من هامش "الهندية"، وبسط النووي في شرح هذا الموضع أنواع المتابعة.

(وكان مما يحرِّك شفتيه) والحروف كلها ليست بشفوية، فكان حقه: مما يحرك لسانه، من قبيل إرادة الكل بذكر البعض، أو من باب الاكتفاء، والأوجه عندي: أن تحريكهما ظاهر بخلاف تحريك اللسان، وسيأتي في "التفسير" (٣): "وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه" بذكرهما معًا، فلا إشكال إِذَنْ.

(قال ابن عباس: فأنا أحركهما. . .) يشكل أن مولد ابن عباس قبل الهجرة بثلاث سنين، والآية في بدء النزول كما يدل عليه تبويب البخاري، ولذا لم يقل ابن عباس لفظ: كما رأيت، كما قاله سعيد بن جبير، ويحتمل أنه أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من الصحابة، كذا في "القسطلاني" (٤)، والأوجه عندي: أنه يستحب للمعلم أن يمثل للمتعلم بالفعل، ويريه الصورة بفعله إذا كان فيه زيادة بيان على الوصف بالقول، انتهى.


(١) "شرح الكرماني" (١/ ٤٣).
(٢) "عمدة القاري" (١/ ١١٥).
(٣) "صحيح البخاري" (ح: ٤٩٢٩).
(٤) "إرشاد الساري" (١/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>