للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أو لا، فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث حَذَفَ الجملة المشعرة بالقربة المحضة فرارًا من التزكية، وأبقى الجملة المترددة المحتملة تفويضًا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازي بمقتضى نيته، انتهى.

وقد اشتُهر أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس، المروية في "المعجم الكبير" (١) للطبراني بإِسنادٍ رجالُه ثقات: عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: "كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس، فأبَتْ أن تتزوَّجه حتى يهاجِرَ، فهاجَرَ فتزوَّجها، فكنا نسميه مهاجِرَ أم قيس".

ولم يقف ابن رجب على من خَرّجه فقال: ذكره كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر له أصلًا بإسناد صحيح، هكذا قال القسطلاني (٢)، لكن ذكر ابن رجب في "شرح الأربعين" حديث مهاجر أم قيس، ثم قال: رواه وكيع في كتابه، وقد اشتهر أن قصة مهاجر أم قيس هي كانت سبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها"، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلًا يصح، انتهى.

ومال إليه الحافظ إذ قال بعد ذكر حديث أم قيس: لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك (٣)، انتهى.

واسم المرأه: قَيْلَة، وأما الرجل فلم يسمِّه أحد ممن صَنَّفَ في الصحابة، وهذا السبب وإن كان خاصَّ المورد، ولكن العبرة بعموم اللفظ، والتنصيص على المرأة من باب التنصيص على الخاص بعد العام للاهتمام، قاله النووي في "شرح البخاري" (٤).


(١) "المعجم الكبير" (٨٥٤٠).
(٢) "إرشاد الساري" (١/ ٩٤).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٠).
(٤) انظر: "إرشاد الساري" (١/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>