للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدين، وممن عدَّه فيها الإمامُ محمدُ بنُ أسلم الطوسي، وقال النووي: بل هو وحده محصل لغرض الدين كله؛ لأنه منحصر في الأمور التي ذكرها، انتهى.

(وإنما لكل امرئ ما نوى): جنح القرطبي إلى أنها مؤكِّدة للجملة الأولى، وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى، كما بسط الحافظ في "الفتح" (١) أشد البسط.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن الجملة الأولى: بيان لمدار الثواب على العبادة، فلا يحصل إلا بالنية، والجملة الثانية: تعميم لكثرة النية في عمل واحد، كما بسطه الشيخ قطب الدين في "مظاهرِ حق" (٢) على "المشكاة" بالأردية أشد البسط أيضًا: أن الرجل مثلًا إذا نوى في دخول المسجد الاعتكافَ، والتجنبَ عن المعاصي، وانتظارَ الصلاة، والتبتلَ إلى الله تبارك وتعالى، وتحصيلَ العلم، ومجالسةَ الصالحين، ولقاءَ المسلمين، وغيرَ ذلك من الأمور الكثيرة، فيحصل له ثواب كل ما نوى، انتهى.

وما يَرِدُ عليه أن من صام رمضان نفلًا يقع فرضًا، بسط في جوابه القسطلاني (٣) وقال: لا يرد على دعوى الحصر نحوُ صوم رمضان بنية قضاء أو نذر، حيث لم يقع له ما نوى؛ لعدم قابلية المحل. . . إلى آخر ما بسطه.

(فمن كانت هجرته إلى دنيا. . .) إلخ، واختلف في أن حَذْفَ الجملة الأولى وهي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" من البخاري أو من شيخه الحميدي؟ وقد روي عن الحميدي بكلتا الجملتين كما بسطه الحافظ (٤)، انتهى.

والدنيا مشتق من الدنو بمعنى القرب والدناءة.


(١) "فتح الباري" (١/ ١٤).
(٢) "مظاهر حق" (١/ ١٨).
(٣) "إرشاد الساري" (١/ ٩١).
(٤) "فتح الباري" (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>