للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال رسول الله : "أو عمياوان (١) أنتما؟ ألستما تبصرانه" (٢).

ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وذهب آخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة، كما ثبت في الصحيح: أن رسول الله جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد، وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه، وهو يسترها منهم حتى مَلَّت ورجعت (٣).

وقوله: (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) قال سعيد بن جُبَيْر:، عن الفواحش. وقال قتادة وسفيان: عما لا يحل لهن. وقال مقاتل:، عن الزنى. وقال أبو العالية: كل آية أنزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج، فهو من الزنى، إلا هذه الآية: (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) ألا يراها أحد.

وقال (٤): (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) أي: لا يُظهرْنَ شيئا من الزينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه.

وقال ابن مسعود: كالرداء والثياب. يعني: على ما كان يتعاناه نساء العرب، من المِقْنعة التي تُجَلِّل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه؛ لأن هذا لا يمكن إخفاؤه. [ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها، وما لا يمكن إخفاؤه. وقال] (٥) بقول ابن مسعود: الحسن، وابن سيرين، وأبو الجوزاء، وإبراهيم النَّخَعي، وغيرهم.

وقال الأعمش، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال: وجهها وكفيها والخاتم. ورُوي عن ابن عمر، وعطاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء، والضحاك، وإبراهيم النَّخَعي، وغيرهم -نحوُ ذلك. وهذا يحتمل أن يكون تفسيرًا للزينة التي نهين عن إبدائها، كما قال أبو إسحاق السَّبيعي، عن أبي الأحْوَص، عن عبد الله قال في قوله: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ): الزينة القُرْط والدُّمْلُج والخلخال والقلادة. وفي رواية عنه بهذا الإسناد قال: الزينة زينتان: فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار، [وزينة يراها الأجانب، وهي] (٦) الظاهر من الثياب.

وقال الزهري: [لا يبدو] (٧) لهؤلاء الذين سَمَّى الله ممن لا تحل له إلا الأسورة والأخمرة والأقرطة من غير حسر، وأما عامة الناس فلا يبدو منها إلا الخواتم.

وقال مالك، عن الزهري: (إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) الخاتم والخلخال.

ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين، وهذا هو المشهور عند الجمهور، ويستأنس له بالحديث الذي رواه أبو داود في سننه:

حدثنا يعقوب بن كعب الإنطاكي ومُؤَمَّل بن الفضل الحَرَّاني قالا حدثنا الوليد، عن سعيد بن بَشِير، عن قتادة، عن خالد بن دُرَيك، عن عائشة، ؛ أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم


(١) في أ: "أفعمياوان".
(٢) سنن أبي داود برقم (٤١١٢) وسنن الترمذي برقم (٢٧٧٨).
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٥٤).
(٤) في أ: "وقوله".
(٥) زيادة من ف، أ.
(٦) زيادة من ف، أ.
(٧) زيادة من ف، أ.