للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنسائي، من حديثه أيضًا (١). وقال الترمذي: حسن صحيح. وفي رواية لبعضهم: فقال: "أطرقْ بصرك"، يعني: انظر إلى الأرض. والصرف أعم؛ فإنه قد يكون إلى الأرض، وإلى (٢) جهة أخرى، والله أعلم.

وقال أبو داود: حدثنا إسماعيل بن موسى الفَزَاري، حدثنا شَريك، عن أبي ربيعة الإيادي، عن عبد الله بن بُرَيْدة، عن أبيه قال: قال رسول الله لعلي: "يا علي، لا تتبع النظرة النظرةَ، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة"

ورواه الترمذي من حديث شريك (٣)، وقال: غريب، لا نعرفه إلا من حديثه.

وفي الصحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "إياكم والجلوس على الطرقات". قالوا: يا رسول الله، لا بد لنا من مجالسنا، نتحدث فيها. فقال رسول الله : "إن أبيتم، فأعطوا الطريق حقَّه". قالوا: وما حقّ الطريق يا رسول الله؟ قال: "غَضُّ البصر، وكَفُّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر" (٤).

وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا فضل (٥) بن جبير: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله يقول: "اكفلوا لي بِستّ أكفل لكم بالجنة: إذا حدَّث أحدكم فلا يكذب، وإذا اؤتمن فلا يَخُن، وإذا وَعَد فلا يخلف. وغُضُّوا أبصاركم، وكُفُّوا أيديكم، واحفظوا فروجكم" (٦).

وفي صحيح البخاري: "من يكفل (٧) لي ما بين لَحْيَيه وما بين رجليه، أكفل له الجنة" (٨).

وقال عبد الرزاق: أنبأنا مَعْمَر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: كل ما عُصي الله به، فهو كبيرة. وقد ذكر الطَّرْفين فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ).

ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب، كما قال بعض السلف: "النظر سهام سم إلى القلب"؛ ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك، فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ). وحفظُ الفَرج تارةً يكون بمنعه من الزنى، كما قال ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المعارج: ٢٩، ٣٠] وتارة يكون بحفظه من النظر إليه، كما جاء في الحديث في مسند أحمد (٩) والسنن:


(١) صحيح مسلم برقم (٢١٥٩) والمسند (٤/ ٣٦١) وسنن أبي داود برقم (٢١٤٨) وسنن الترمذي برقم (٢٧٧٦) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٩٢٣٣).
(٢) في أ: "أو إلى".
(٣) سنن أبي داود برقم (٢١٤٩) وسنن الترمذي برقم (٢٧٧٧).
(٤) صحيح البخاري برقم (٢٤٦٥) وصحيح مسلم برقم (٢١٢١) من حديث أبي سعيد الخدري، .
(٥) في هـ: "فضال".
(٦) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٧/ ٣٩٢) من طريق أبي القاسم البغوي، به. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٨/ ٣١٤) وابن حبان في المجروحين (٢/ ٢٠٤) من طريق فضال بن جبير. ويقال: ابن زبير، به. وقال ابن حبان: "فضال بن جبير لا يحل الاحتجاج به".
(٧) في أ: "كفل".
(٨) صحيح البخاري برقم (٦٤٧٤) من حديث سهل بن سعد، .
(٩) في أ: "المسند".