للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي هُبَيْرة (١) قال: كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس -تكلم ورفع صوته.

[و] (٢) قال مجاهد: (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) قال: تنحنحوا -أو (٣) تَنَخَّموا.

وعن الإمام أحمد بن حنبل، ، أنه قال: إذا دخل الرجل بيته، استحب له أن يتنحنح، أو يحرك نعليه.

ولهذا جاء في الصحيح، عن رسول الله : أنه نَهَى أن يطرق الرجل أهلَه طُروقًا -وفي رواية: ليلا يَتَخوَّنهم (٤).

وفي الحديث الآخر: أن رسول الله قدم المدينة نهارًا، فأناخ بظاهرها، وقال: "انتظروا حتى تدخل عشاء -يعني: آخر النهار -حتى تمتشط الشَّعثَة وتستحدّ المُغَيبة" (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمن (٦) بن سليمان، عن واصل بن السائب، حدَّثني أبو سَوْرة ابن أخي أبي أيوب، عن أبي أيوب قال: قلت: يا رسول الله، هذا السلام، فما الاستئناس؟ قال: "يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة، ويتنحنح فَيؤذنُ أهل البيت". هذا حديث غريب (٧).

وقال قتادة في قوله: (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) قال: هو الاستئذان. [قال: وكان يقال: الاستئذان] (٨) ثلاث، فمن لم يؤذن له فيهن، فليرجع. أما الأولى: فليسمع (٩) الحي، وأما الثانية: فليأخذوا حذرهم، وأما الثالثة: فإن شاءوا أذنوا وإن شاءوا رَدّوا. ولا تَقِفَنَّ على باب قوم ردوك عن بابهم؛ فإن للناس حاجات ولهم أشغال، والله أولى بالعذر.

وقال مقاتل بن حيَّان في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه، لا يسلم عليه، ويقول: حُيِّيتَ صباحًا وحييت مساء، وكان ذلك تحية القوم بينهم. وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم، ويقول: "قد دخلتُ". فيشق ذلك على الرجل، ولعله يكون مع أهله، فغَيَّر الله ذلك كله، في ستر وعفة، وجعله نقيًا نزهًا من الدنس والقذر والدرَن، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا).


(١) في ف، أ: "عبيدة".
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) في أ: "و".
(٤) صحيح البخاري برقم (٥٢٤٣، ٥٢٤٤) وصحيح مسلم برقم (٧١٥) من حديث جابر، .
(٥) رواه البخاري في صحيحه برقم (٥٢٤٧) من حديث جابر، .
(٦) في هـ: "عبد الرحيم".
(٧) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/ ٦٠٧) ومن طريقه ابن ماجه في السنن برقم (٣٧٠٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٤/ ١٧٨)، حدثنا عبيد بن غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة، به. قال البوصيري في الزوائد (٣/ ١٧١): "هذا إسناد ضعيف".
(٨) زيادة من ف، أ.
(٩) في ف، أ: "فليستمع".