وَالْيَقِينِ. وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ» وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: أَنَّ الرِّضَا يُفَرِّغُ قَلْبَ الْعَبْدِ. وَيُقَلِّلُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ. فَيَتَفَرَّغُ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ بِقَلْبٍ خَفِيفٍ مِنْ أَثْقَالِ الدُّنْيَا وَهُمُومِهَا وَغُمُومِهَا. كَمَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ بِشْرِ بْنِ بَشَّارٍ الْمُجَاشِعِيِّ - وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ - قَالَ: قُلْتُ لِعَابِدٍ: أَوْصِنِي. قَالَ: أَلْقِ نَفْسَكَ مَعَ الْقَدَرِ حَيْثُ أَلْقَاكَ. فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يُفَرِّغَ قَلْبَكَ. وَيُقَلِّلَ هَمَّكَ. وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْخَطَ ذَلِكَ، فَيَحِلَّ بِكَ السَّخَطُ وَأَنْتَ عَنْهُ فِي غَفْلَةٍ لَا تَشْعُرُ بِهِ. فَيُلْقِيَكَ مَعَ الَّذِي سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ذَرُوا التَّدْبِيرَ وَالِاخْتِيَارَ تَكُونُوا فِي طِيبٍ مِنَ الْعَيْشِ. فَإِنَّ التَّدْبِيرَ وَالِاخْتِيَارَ يُكَدِّرُ عَلَى النَّاسِ عَيْشَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَطَاءٍ: الْفَرَحُ فِي تَدْبِيرِ اللَّهِ لَنَا. وَالشَّقَاءُ كُلُّهُ فِي تَدْبِيرِنَا.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ لَمْ يَصْلُحْ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّهِ لَمْ يَصْلُحْ عَلَى تَقْدِيرِ نَفْسِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الطُّوسِيُّ: مَنْ تَرَكَ التَّدْبِيرَ عَاشَ فِي رَاحَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجِدِ السَّلَامَةَ حَتَّى تَكُونَ فِي التَّدْبِيرِ كَأَهْلِ الْقُبُورِ.
وَقَالَ: الرِّضَاءُ تَرْكُ الْخِلَافِ عَلَى الرَّبِّ فِيمَا يُجْرِيهِ عَلَى الْعَبْدِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَقَدْ تَرَكَتْنِي هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتُ، وَمَا لِي فِي شَيْءٍ مِنَ الْأُمُورِ كُلِّهَا أَرَبٌ، إِلَّا فِي مَوَاقِعِ قَدَرِ اللَّهِ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَدْعُو: اللَّهُمَّ رَضِّنِي بِقَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ شَيْءٍ أَخَّرْتَهُ. وَلَا تَأْخِيرَ شَيْءٍ عَجَّلْتَهُ.
وَقَالَ: مَا أَصْبَحَ لِي هَوًى فِي شَيْءٍ سِوَى مَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَا تَمَنَّيْتُ شَيْئًا قَطُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute