ولكن ما لبثت العصور الوسطى والعادات الجرمانية أن عقدت الملكية الفردية من جديد، وكانت الملكية في العادات الجرمانية ملكية فردية في المنقولات وفي منزل السكنى جماعة في الأراضي الزراعية. وفي عهود الإقطاع بعد أن هدأت الحروب وتوطدت السلطات المركزية، سادت الملكية الإقطاعية في الأرض، وقامت الملكية الفعلية إلى جانب الملكية الأصلية. وتجردت الملكية الأصلية شيئًا فشيئًا عن معاني الملكية، وأصبحت الملكية الحقيقية في يد صاحب الملكية الفعلية، وتمثلت الملكية الأصلية في بعض مزايا وخدمات وأعطيات يؤديها التابع أو الحائز وهو صاحب الملكية الفعلية إلى السيد , وهو صاحب الملكية الأصلية. ولم تعد الملكية في الواقع من الأمر إلا ملكية فردية واحدة، هي ملكية التابع أو الحائز أي الملكية الفعلية، وآلت الملكية الأصلية إلى أن تكون مجرد تكاليف تثقل الأرض , وأقرب إلى أن تكون حقا من حقوق الارتفاق.
ثم نشبت الثورة الفرنسية، واكتسح الفلاحون في الأقاليم قصور النبلاء، وحرقوا السجلات التي تتضمن ما لهؤلاء النبلاء من حقوق وتكاليف على الأرض، بل وحرقوا معها في بعض الأحيان القصور ذاتها وقتلوا النبلاء أصحاب هذه القصور، ونادوا بتحرير الأرض من كل التكاليف والحقوق الإقطاعية. وفي ليلة ٤ أغسطس سنة ١٧٨٩، بعد هدم الباستيل بأقل من شهر، أقرت الجمعية الوطنية قانونًا يقضي بإلغاء الإقطاع إلغاء تاما، وتخلصت ملكية الأرض من جميع أثقالها الإقطاعية وأصبحت ملكية خالصة لصاحبها، بل "أصبحت" حقا مقدسًا لا يجوز انتهاك حرمته، لا يجوز حرمان صاحبه منه، إلا إذا قضت بذلك في وضوح ضرورة من مصلحة عامة ثبتت قانونًا، وبشرط تعويض عادل يدفع مقدمًا (م: ١٧ من إعلان حقوق الإنسان) . وفي دستور سنة ١٧٩١، في المادة ٨٧ منه، وصف حق الملكية بأنه حق مقدس لا يجوز انتهاك حرمته.