للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنبقى مع السنهوري إذ يقول (١)

: "ذهب كثيرون من الباحثين إلى أن الملكية بدأت أولًا ملكية جماعية، يشترك فيها جميع أفراد القبيلة , ولا يستأثر بها أحد منهم، فكانت الأرض والأسلحة والعدد بوجه خاص مملوكة ملكية جماعية للقبيلة في الحضارة البدوية. ولما استقرت الجماعات في الأرض، وتطورت الحضارة من حضارة بدوية تقوم على رعي المواشي إلى حضارة زراعية تقوم على زراعة الأرض، تطورت الملكية مع تطور الحضارة , فأصبحت ملكية عائلية. وانتهت الملكية بعد تطور طويل إلى

أن تكون ملكية فردية، ولكن مع بقاء بعض آثار الملكية العائلية كالميراث والنصاب الذي يجب أن يستبقى للورثة دون أن تجوز الوصية فيه. وإذا تابعنا التطور التاريخي لحق الملكية في غرب أوروبا منذ عهد

الرومان إلى نشوب الثورة الفرنسية وصدور التقنين المدني الفرنسي، وجدنا أن هذا الحق لم يبق على وتيرة واحدة، بل إنه تطور تطورًا غير مطرد. فتبسطت الملكية ثم تعقدت، ثم عادت إلى التبسط، لتعود بعد ذلك إلى التعقيد، وتنتهي أخيرًا إلى التبسط.

ففي العهود الرومانية القديمة كانت الملكية جماعية وعائلية، وكانت فردية في بعض الأشياء الاستثنائية المحددة كالمنقولات والعبيد، وكان معنى الملكية يختلط بالمعنى الديني وبمعنى سيادة الدولة. ولما قوي سلطان الدولة قامت الملكية العامة وبدأ معنى الملكية الفردية يظهر على الأراضي التي كانت الدولة تقطعها للأفراد في صور مختلفة. وانتهى الأمر في العهد الكلاسيكي إلى ظهور الملكية الفردية ظهورًا كاملًا مع دعمها على أسس قوية. وإلى جانب هذه الملكية الفردية المبسطة ظهرت في الأقاليم ملكية أخرى معقدة وهي الملكية البريطورية أو الملكية غير الرومانية، حيث تقوم ملكية الدولة فوق ملكية الفرد في الأرض الواحدة، وأخذت هذه الملكية الجديدة تتبسط شيئًا فشيئًا، وتختفي فيها ملكية الدولة ويغلب حق الفرد، حتى أصبحت في عهد جيستنيان ملكية فردية تامة على غرار الملكية الرومانية.


(١) مصادر الحق. ص: ٤٨١/ ٤٨٥ الفقرة: ٢٩٢/٢٩٣ بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>