للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما النقطة الثانية: هي لزوم المضاربة وتوقيتها، وهما نقطتان، ولزوم المضاربة طبعًا هو خلاف القول المنتشر الشائع في الفقه بأن المضاربة كغيرها من الشركات عقد غير لازم، فلكل من الطرفين أن يفسخه بمحض إرادته دون موافقة الطرف الآخر.

وأما التوقيت فهو أن يجعل للمضاربة وقت تنتهي بانتهائه بدون حاجة إلى الفسخ. فموضوع اللزوم: إن كل الفقهاء تقريبًا مطبقون على أن المضاربة غير لازمة.

وأما التوقيت فعند الحنفية والحنابلة لا مانع منه، لأنها مكيفة بالوكاة، والوكالة تقبل التقييد. وأما المالكية والشافعية فإنهم لم يذههبوا إلى ذلك. فالمالكية قبل الشروع قالوا: غير لازمة، ولكن بعد الشروع قالوا: إنها تلزم، لأنه يتعلق بها حق للمضارب، لأنه اشترى بضائع، وهذه البضائع قد ترتفع قيمتها فيكون له نصيب في الربح.

وموضوع اللزوم له مخرج وهو بألا يكون هذا تغيير لمقتضى العقد، وإنما يكون تعهدًا من أرباب المال بأنهم لا يلجؤون إلى فسخ المضاربة، أي لا يطالبون باسترداد مشاركاتهم أو مساهماتهم.

نقطة الاسترداد والتخارج: فالدكتور أحمد الكردي لم ير في التخارج بأسًا، على ألا يكون هناك مبالغة، وهو أنه يقترح عدم المبالغة في منع السحب من المؤسسات المالية، حتى لا يلجأ المستثمرون إلى البنوك التقليدية، وأشار إلى أن السحب أو التخارج قد يترتب عليه كسر للوديعة، والحقيقة مسألة كسر الوديعة تسمية شائعة، ولكن ليس هو كسر للوديعة، وإنما هو شراء للحصة، فالمؤسسة المالية حينما تسمح بالتخارج تشتري حصة هذا الإنسان وهذا خاضع للعرض والطلب.

كما أشار إلى الاسترداد واقترح ألا يكون بمبلغ محدد سلفًا.

التخارج لم يحظ بمزيد من البحث في معظم الأبحاث، لأن الدكتور حسين فهمي والدكتور قطب تكلما عن انفساخ المضاربة، وإذا كان هذا الانفساخ والمال ناض أو غير ناض وهناك ربح أو غير ربح. والانفساخ غير التخارج.

كما أنهما حينما تكلما عن الاسترداد تكلما عن الفسخ قبل الشروع وبعده.

وفي ورقتي أوردت عن الاسترداد والتخارج كلامًا طويلًا غير ممل، وأورد فضيلة الشيخ تقي العثماني كلامًا موجزًا غير مخل، وتطرقنا في بحثينا إلى ما يتعلق بالاسترداد والتخارج من أنه يقع على موجودات قد تكون غالبة عليها النقود والديون وهذه المسألة جاءت في قرار المجمع في سندات المضاربة، والمجمع بت في نصف الموضوع، حيث أشار إلى أنه إذا كان الغالب الأعيان والمنافع فلا مانع من التداول، ومثله التخارج الذي يتم من طرف من خارج المضاربة، أو الاسترداد ما بين المضارب وأرباب المال، وأما إذا كان العكس فالمجمع لم يبت فيها، وأشار إلى أنه ستوضع لائحة في هذا الموضوع، وحتى الآن لم توضع هذه اللائحة.

والجدير بالذكر أن إحدى المؤسسات المالية في الكويت - وهي الشركة الأولى للاستثمار ـ عقدت ندوة فقهية وأوردت هذا الموضوع، وكتبت فيه عدة أبحاث.

وإذا أشرت في ورقتي إلى بدائل الموضوع - غلبة الديون والنقود ـ وأشار فضيلة الشيخ تقي على مسألة سد عجوة. ولا يتسع المقام لعرض هذه الأشياء ولا سيما أنها لم ترد في بقية الأبحاث، فتنظر في ورقتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>