للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الدكتور الصاوي، فانتهى هو الآخر بعد رده على استدلالات القائلين بالضمان إلى القول: (. . . فلم يبق إلا أن نرجع إلى أصل القاعدة الشرعية وهو أنه لا ضمان على الأمناء إلا بتفريط أو عدوان، وإلى قاعدة العدالة الشرعية التي تنص على الاشتراك في مواجهة النتائج في باب الاستثمار مغارم كانت أو مغانم، حتى لا تكون شركة الاستثمار بين البنك والمودعين قد تميزت بالاشتراك في الربح وحده، بينما يتحمل البنك وحده الخسر في حالة حدوثه، وهو ما يعرف في القوانين التجارية بشرط الأسد، وهو شرط مرفوض لتنافيه مع مبدأ المشاركة والاستثمار الذي يتضمن المخاطرة، ومع العدالة التي تتسم بها أحكام الشريعة الإسلامية) (١) .

إن كل فريق من هذين الفريقين من الباحثين المعاصرين حاولوا أن يستنطقوا التراث لتأييد ما انتهوا إليه من رأي، فبينما يستند التخريج الذي انتهى إليه المرحوم إلى رأي عند المالكية يجيز لطرف ثالث التبرع بالضمان، نجد تخريج الدكتور سامي يُعنى بالبحث عن أوجه الشبه بين الأجير المشترك والمضارب المشترك، وقد كان تحقيق غاية إلحاق أحكام المضارب المشترك بأحكام الأجير المشترك، أحد الأسباب الأساسية وراء اختراع مصطلح المضارب المشترك دون غيره، على الرغم من وجود فوارق جذرية بين الأجير المشترك والمضارب المشترك، أعني أن للأجير المشترك أجرًا ثابتًا لا يتأثر بناتج عمله، وأما المضارب المشترك، فليس له أجر بتاتًا، وإنما له نصيب من الربح في حالة تحققه، وعلى كل، حاول الدكتور سامي الاستفادة من بعض أوجه الشبه بينهما، فجعل حكمهما واحدا على مستوى ضمان الأموال التي تدفع إليها.

ولئن لاذ هذا الفريق ببعض الآراء المأثورة عن الفقهاء السابقين في تقرير ما انتهوا إليه، فإن الفريق الآخر، استندوا إلى جمع من الأقوال المأثورة عن بعض فقهاء المذاهب الفقهية وخاصة المذاهب الأربعة في هذا الأمر، وقرروا في ضوء تلك الأقوال بأن ثمة اتفاقًا بين الفقهاء على أن المضارب لا يضمن مال المضاربة، وأن اشتراط رب المال ضمان المال، يجعل المضاربة عند بعضهم فاسدة، وبناء على هذا، فإن المضارب ـ سواء أكان مشتركًا أم خاصًا ـ لا يصح تضمينه مال المضاربة مطلقًا.


(١) انظر: الصاوي، مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية وكيف عالجها الإسلام، (المنصورة، دار الوفاء طبعة أولى، عام ١٩٩٠ م) ص ٥٩٥ باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>