للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحصيلة ما ذكرنا أن بعض الحنفية والحنابلة أجازوا توقيت المضاربة والآخرون منعوا ذلك، ولكن معنى المنع أنه لا يجوز منع المضارب من البيع، ويجوز منعه من الشراء، وحاصل ذلك أنه يمكن منعه من الدخول في العمليات الجديدة، ولكن لا يمنع من تصفية العمليات التي تمت قبل مضي المدة المحدودة.

أما توقيت المضاربة بالمعنى الثاني: ألا يجوز الفسخ قبل المدة المحددة فمنعه أكثر الفقهاء، قال البغوي رحمه الله تعالى:

(ولو قال: قارضتك على أني لا أملك الفسخ قبل شهر، فهو فاسد، لأنه بخلاف قضية القراض) (١)

قال ابن قدامة رحمه الله:

(والشروط الفاسدة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها ما ينافي مقتضى العقد، مثل أن يشترط لزوم المضاربة أو لا يعزله مدة بعينها) (٢)

ولكن الصحيح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن هذا الشرط لا يفسد العقد، بل يفسد الشرط فقط (٣)

وقال الكاساني رحمه الله:

(وأما صفة هذا العقد (يعني المضاربة) فهو أنه عقد غير لازم، ولكل واحد منهما ـ أعني رب المال والمضارب ـ الفسخ، لكن عند وجود شرطه وهو علم صاحبه) (٤)

وقال ابن شاس المالكي رحمه الله:

(والقراض ينفسخ بفسخ أحدهما قبل الشغل، فإذا عمل وشغل المال لم يكن للعامل أن يرده حتى ينض، ولا لربه أخذه قبل نضوضه) . (٥)

وهذا الذي ذهب إليه الفقهاء يقتضي أن لكل واحد من أرباب الأموال أن يفسخ المضاربة، ويسترد ماله متى شاء، وسيأتي بيان ذلك في مسألة الاسترداد إن شاء الله تعالى.


(١) التهذيب للبغوي: ٤/ ٣٨٤.
(٢) المغني: لابن قدامة: ٥/ ١٨٧.
(٣) راجع المغني: ٥/ ١٨٧؛ والإنصاف، للمرداوي: ٥/ ٤٢٣ ـ ٤٢٤.
(٤) بدائع الصنائع: ٦/ ١٠٩.
(٥) عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ٢/ ٨٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>