للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

رأينا في الموضوع

بعد هذا العرض لأدلة الفريقين ومناقشتها، فالذي يظهر لي هو قوة أدلة المانعين للعمل بالقرينة في إثبات الحدود وظهورها فيما أوردت من أجله، فقد اعتمدت على أحاديث صحيحة في محل النزاع وعلى قاعدة اتفقوا عليها في الحدود، وهو ما يستفاد كذلك من منهج الشارع في الحدود، فقد وردت جرائم الحدود في الإسلام على سبيل الحصر، وتولى الشارع تقدير عقوبتها فلم يترك للإمام مجالا لتقدير هذه العقوبة ثم حدد طرق للإثبات تختلف في أكثر صورها عن إثبات الحقوق الإخرى، معنى ذلك أن الشارع قد سلك في إثبات الحدود مسلكا معينا، فالاحتمال بهذا المسلك إخلال بنظامه.

كما أن من يتبع إثبات جرائم الحدود في الفقه الإسلامي يجد عدم تشوف الشارع إلى إثباتها فها هو الرسول عليه الصلاة والسلام يعرض عمن اعترف بالزنا حتى يقر عنده أربع مرات ثم بعدها يسأله بما يدل على إرادة تلقينه الرجوع عن هذا الإقرار، حتى أخذ بعض الفقهاء من ذلك ضرورة تكرار الاعتراف أربع مرات، أو تلقينه الرجوع عنه.

ولا شك أن من حكمة الشارع في ذلك أن التوسع في إثبات مثل هذه الجرائم فيه إشاعة للفاحشة الأمر الذي ربما يترك في القلوب استهانة بها وتقليلا من شأنها مما يسهل ارتكابها خاصة وأن فيها جرائم تتعلق بالأعراض التي يجب صيانتها وحفظها.

<<  <  ج: ص:  >  >>