للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكد هذا في خاتمة بحثه، فقال بأن هذه التكاليف: " يتحملها من رسا عليه العطاء ومن لم يرس عليه، لأن كليهما يستفيد منهما عمليًّا بوجه أو بآخر " (١) .

وبهذا صار لأبو سليمان ثلاثة آراء متعارضة:

١- يتحمل التكلفة من رسا عليه العطاء.

٢- يتحمل التكلفة من رسا عليه العطاء، ومن لم يرس.

٣- يتحمل التكلفة الجهة صاحبة المناقصة.

فأي واحد من هذه الآراء الثلاثة هي رأي أبو سليمان؟ لعله الرأي رقم (٢) ، إذ أراد به إما موافقة رأي الأستاذ الذي حكم بحثه لمجلة البحوث الفقهية المعاصرة، أو أراد به العودة عن رأيه لموافقة رأي السلامي، وقرار المجمع، لا سيما وأن هذا الرأي هو المطبق في الحياة العملية، فلماذا نصادمه ونزعج الناس عنه؟

٣- رأي الزحيلي: بين كل من السلامي وأبو سليمان رأيه في ورقة مكتوبة، أما وهبة الزحيلي فقد بين رأيه شفهيًّا خلال المناقشة، فقال: " دفتر الشروط ينبغي أن يكون بثمن، ودائمًا العارض والشركة والدولة تقول: إن الذي يريد أن يشارك في هذه المناقصة عليه أن يدفع ثمن هذا الدفتر، ولماذا الشركة تخسر شيئًا أنفقت عليه من الخبرة والمعلومات، ثم يضيع الأمر؟ ثم تطالب أيضًا هذه الجهات التي تعرض بالمزاد العلني أن يكون هناك جدية في العرض، أن يوضع عربون يأخذه في النهاية، إذا لم يرس الثمن عليه. فلا أجد إشكالًا في قضية إباحة هذا النوع من المباعيات، إن الفقهاء يصرحون ببيعه وجوازه، لذلك إن القضية أسهل من أن يثار فيها غبار " (٢) .

والجواب:

١- الحجة الأولى ليست حجة، إنما هي بيان للواقع الذي يراد الإفتاء فيه.

٢- تخسر الشركة هذه النفقات إذا ألغت المناقصة، وعندئذ تكون هي المسؤولة، أما إذا أجريت المناقصة فإنها لا تخسر، إذ الفرض أنها آثرت أسلوب المناقصة، على غيرها من أساليب الشراء، بعد حساب منافعها وتكاليفها وجدواها.

٣- هناك فرق بين دفتر الشروط والعربون، فليس هذا محل الكلام عن العربون، إنما محله عند الكلام عن الضمان، لا عن دفتر الشروط.

ربما يريد الزحيلي أن قيمة دفتر الشروط هي من قبيل رسم الدخول، وليس من قبيل الثمن، وسأناقش هذه المسألة في مبحث لاحق، من هذه الورقة.

يجب أن نلاحظ أخيرًا أن رأي الزحيلي، كما سبق أن قلنا، هو رأي من اشترك في مناقشة، وليس رأي من أعد بحثا حول الموضوع، كالسلامي وأبو سليمان.


(١) المصدر السابق، ص ٥٩.
(٢) مداخلة شفهية للزحيلي، مجلة المجمع، العدد (٨) : ٢ / ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>