للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم أجد، في الفقه الإسلامي، من احتج بمثل ما احتج به السلامي، من تفاهة القيمة، إلا في موضعين، ومآلهما واحد.

١- موضوع الحديث عن المال المتقوم، فقال إن الأعيان والمنافع التافهة القيمة ليست من الأموال المتقومة، وضربوا أمثلة على ذلك بقطرة الماء، وحبة القمح، وشم التفاحة. فهل يرى السلامي أن ثمن دفتر الشروط: (١٠٠) ريال أو (١٠٠٠٠٠) ريال هو من هذا القبيل؟

٢- موضع الحديث عن اللقطة، فمنها ما له قيمة، كالدينار والدرهم، فيجب تعريفها، ومنها ما لا قيمة له، بل هو تافه حقير، كالزبيبة والجوزة، فلا يجب تعريفها، ومنها ما له قيمة، إلا أنه لا تتبعه نفس صحابه إن ضاع منه، كالرغيف والدانق، هل يعرف أو لا يعرف؟ قولان في الفقه.

فهل ثمن دفتر الشروط كالزبيبة والجوزة، والرغيف والدانق؟

٢- رأي أبو سليمان: ذهب أبو سليمان إلى أن الذي يجب أن يتحمل تكلفة دفتر الشروط هو من ترسو عليه المناقصة، دون سائر أصحاب العطاءات الأخرى الذين لم ترس عليهم. هذا ما قاله في بحثه المقدم إلى المجمع. والمنشور في مجلته: " الأولى والأحق بدفعها من رسا عليه العطاء في المناقصة، أو المزايدة، لأنه المستفيد الوحيد، وسيحتسبها ضمن تكاليف المشروع ( ... ) . . وربما يكون هذا من واجباته ومسؤولياته، لو لم تقم المؤسسة أو الإدارة بتجهيزها " (١) .

لكنه في خاتمة بحثه، ذكر بحق أن تكلفة دفتر الشروط: " جديرة بأن تكون مسؤولية الجهة صاحبة المصلحة " (٢) .

ولدى مناقشة البحوث، ردد رأيه بين قولين: قول بتحميل التكلفة للإدارة وقول بتحميلها لمن رسا عليه العطاء (٣) .

لقد نشر أبو سليمان بحثه هذا أيضًا في مجلة: (البحوث الفقهية المعاصرة) إلا أنه غير رأيه، فقال: (غير أن الواقع أن من لم يرس عليه العطاء سيستفيد من دفتر الشروط، بمعرفة مدى إمكانية تنجيزه للمطلوب، فلا يدخل مغامرًا دون معرفة قدراته وإمكاناته في تنفيذ مشروع معين، وسيساعده هذا على الفوز في مناقصات مستقبلية، إذا يحفزه هذا على رفع كفاءته، وتطوير قدراته، وتحسين أدائه " (٤) .


(١) أبو سليمان، مجلة المجمع، العدد (٨) ٢ / ١١٩.
(٢) المصدر السابق، ص ١٢٤.
(٣) المصدر السابق، ص ١٥٦.
(٤) أبو سليمان، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد (١٩) ، ص ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>