هذه البحوث في الواقع تعطينا الحل المناسب لهذا الموضوع، أما ما يتعلق ببعض هذه الاستطرادات مثلًا، كالكلام عن فسخ الإجارة بعذر من الأعذار أو ما يتعلق بنظرية الظروف الطارئة أو ما يتعلق بالشروط بصفة عامة، في الحقيقة كل هذه إما تمهيدات أو استطرادات لا تمس صلب الحقيقة بشيء، لذلك كان المرجو أن يكون بحثنا متعلقًا في الموضوع ذاته، وحينئذ نجد أن بعض العبارات فيها شيء من العموم، وعموم أحيانًا غير مقصود، زياد على هذا قرار هيئة كبار العلماء في السعودية، هذا القرار أخذ صفة العموم، وحينما كنا نسأل عن صيغة هذا القرار قالوا إنهم يريدون في إجازة الشرط الجزائي الأمور المتعلقة بالتوريد أو المقاولات، وليس الهدف من إباحة هذا الشرط الجزائي فيما يتعلق بتأخر الديون.
فلذلك جاء بحث الدكتور الضرير مؤكدًا هذا الالتزام بضابط الشرط الجزائي ومحققًا الغاية منه بحيث يدفع الالتباس، ويرفع الحرج عن الناس، وأما فيما يتعلق بمهمتنا فنحن لا نملك إلا الإفتاء، وقراراتنا كلها له صفة الإفتاء، وليس في الإمكان أبدع مما كان، أما مهمة الدول فهي المطالبة بألا تكتفي بإزالة التعارض بين قوانينها وبين الشريعة الإسلامية وإنما يجب أن تبدأ من نقطة الصفر وأن تصدر قوانين مستقلة تعتمد على الأصول الشرعية. لا مانع من أن نستفيد نحن مما هو موجود في الساحة العالمية أو الاقتصادية فنبحث عن حلول لها في الشريعة الإسلامية لأن هذه من المستجدات، فلا عيب فينا حينما نتحدث عن هذه الأمور المستجدة أو القضايا الطارئة ونحاول أن نوجد البديل الإسلامي لها ونقرر ما يتفق مع مصادرنا وأصولنا وأدلة هذه الشريعة.
فهذا في الحقيقة هو أقصى ما نملكه، وأما تكليفنا بأكثر من هذا فهذه مهمة الدول، وتشكر الجماهيرية على التصرف الذي قامت به في بدء السبعينات لكن هل وضعت قوانين مستجدة في غير الحدود نابعة كلها من الشريعة الإسلامية؟ هذا ما لا أعلمه، وإنما الذي أعلمه أن تشريعات الحدود كانت مبادرة جيدة من الجماهيرية في بداية السبعينيات أما بقية القوانين فوقفوا عند هذا الحد وهو إزالة التعارض كما فعلت الكويت أيضًا في إزالة التعارض بين بعض قوانينها وبين الشريعة الإسلامية.