للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلف العين المؤجرة، وحدوث عيب فيها، وصيانتها:

تلف العين المؤجرة (١) .

إذا تلفت العين المؤجرة فترد عليها عدة مسائل نذكرها هنا لأهميتها وهي:

١-التلف قبل القبض، أو بعده:

أ-إذا تلفت العين المؤجرة تلفاً كلياً قبل القبض وبعد العقد فإن الإجارة تنفسخ بغير خلاف نعلمه كما قال ابن قدمة (٢) .

ب-إذا تلفت بعد القبض مباشرة وقبل استيفاء المنفعة فإن الإجارة تنفسخ على ضوء التفصيل الذي يذكر آنفاً، قال ابن قدامة في هذه الحالة: "إن الإجارة تنفسخ، ويسقط الأجر، في قول عامة الفقهاء إلا أبا ثور حكي عنه أنه قال: يستقر الأجر لأن المعقود عليه أتلف بعد قبضه أشبه المبيع، وهذا غلط، لأن المعقود عليه المنافع، وقبضها باستيفائها، أو التمكن من استيفائها، ولم يحصل ذلك فأشبه تلفها قبل قبض العين" (٣) .

جـ-أن تتلف بعد مضي شيء من المدة فتنفسخ فيما بقي من المدة دون ما مضى فيستحق المستأجر الأجرة بقدر ما استوفى من المنفعة، وإذا حدث نزاع فالمرجع في تقويم المقدار هو أهل الخبرة، جاء في الروضة: "وفي الماضي طريقان: أحدهما القول بالفسخ في الماضي وحينئذٍ يسقط المسمى وتجب أجرة المثل، والطريق الثاني: أنه لا ينفسخ فيه، وحينئذٍ فهل له خيار الفسخ؟ وجهان أصحهما عند الإمام والبغوي: لا، لأن منافعه استهلكت، والثاني: نعم وبه قطع ابن الصباغ وآخرون، لأن جميع المعقود عليه لم يسلم، وحينئذٍ وجب قسط ما مضى من المسمى والتوزيع على قيمة المنفعة وهي أجرة المثل، لا على نفس الزمان وذلك يختلف فربما تزيد أجرة شهر على أجرة شهرين لكثرة الرغبات في ذلك الشهر، فإن كانت مدة الإجارة سنة ومضى نصفها، وأجرة المثل فيه مثلا أجرة المثل في النصف الباقي وجب من المسمى ثلثاه، وإن كانت بالعكس فثلثه" (٤) .


(١) يراجع في موضوع التلف: بدائع الصنائع للكاساني: ٦/٢٦٧٥؛ والمبسوط للسرخسي: ١/١٣٧؛ والذخيرة للقرافي: ٥/٤٧٦؛ ومواهب الجليل مع التاج والإكليل: ٧/٥٦١-٥٦٢؛ والمغني لابن قدامة: ٥/٤٥٥؛ الروضة: ٥/٢٤٠؛ والمحلى لابن حزم: ٩/٥-١٢.
(٢) المغني لابن قدامة: ٥/٤٥٣؛ والروضة: ٥/٢٤٠.
(٣) المرجع السابق نفسه.
(٤) الروضة: ٥/٢٤١ مع تصرف قليل في بعض العبارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>