للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة:

أن هذا العقد صحيح وهل يعتبر بيعاً أو بمثابة البيع نظراً إلى المعنى والمؤدى، أم هل يعتبر هبة نظراً للفظ والتعبير على خلاف بين الفقهاء، وإذا اعتبر بيعاً تطبق عليه أحكام البيع وضوابطه، في حين إذا اعتبر هبة تطبق عليه أحكام الهبة وضوابطها، وهذا النوع أقرب شيء إلى الإيجار المنتهي بالتمليك.

ونلاحظ أن جماهير الفقهاء لم يقولوا ببطلان الهبة بشرط العوض بسبب أنها في حقيقتها ومآلها بيع لكنها صيغت بصياغة الهبة، وألبست لباسها، كما أنهم لم يقولوا: إنها داخلة في الحيل، وذلك لأن كلا العقدين صحيح، وأن العاقدين أرادا هذه الصياغة لمصلحة يريدانها.

٥-صياغة العقد على أساس الهبة المعلقة:

إذا علق الهبة على شرط سداد جميع الأقساط المتفق عليها خلال مدة يتفق عليها بأن يقول: إذا قمت بسداد جميع الأقساط المتفق عليها خلال عشرين شهراً مثلاً فإني وهبتك هذه الدار، ووافق عليها الطرف الآخر، فهذا مجال خلاف كبير بين الفقهاء، حيث أجازه بعض الفقهاء منهم المالكية وقول في المذهب الحنفي بناء على صحة تعليق الهبة على شيء في المستقبل، في حين لم يصححها الأكثرون بناء على عدم صحة ذلك (١) .

وقد دل على صحة تعليق الهبة ما رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن أم كلثوم بنت أبي سلمة، قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال: ((إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواني مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة علي، فإن ردت فهي لك)) ، قالت: "فكان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وردت عليه هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة" (٢) .

فهذا الحديث يدل على صحة تعليق الهبة على شيء قد يتحقق في المستقبل، وهو نص في الموضوع.


(١) يراجع: الالتزامات للخطاب: ١/١٨٠؛ ونظرية الشرط، ص١٣٥.
(٢) مسند أحمد: ٦/٤٠٤؛ وصحيح ابن حبان، الحديث رقم (١١٤٤) ، والحديث وإن كان فيه مقال لكنه ينهض حجة على هذا الحكم لما له من شواهد ومتابعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>