للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك يظل تكييف هذه الصور التي فيها وعود بالبيع، وأن الثمن رمزي على أساس الإجارة ابتداء والبيع انتهاءً.

٩-إشكال آخر:

قد يثور التساؤل حول الثمن العادل، أو الأجرة العادلة في الإجارة المنتهية بالتمليك، حيث إن الأجرة فيها ليست أجرة المثل، وإنما يلاحظ فيها قيمة العين المستأجرة مع الأرباح الخاصة بالممول أو المؤجر، وهي تختلف باختلاف قصر المدة، أو طولها، في حين أن العدالة مطلوبة وأن الزيادة الخارجة عن العرف عن أجرة المثل تدخل في الغبن المنهي عنه، هذا من جانب، ومن جانب آخر أنه في هذه الحالة لم يقم المستأجر بشراء العين المؤجرة فإن الظلم الواقع عليه واضح جداً، والضرر الذي وقع عليه بين، فكيف الخروج عن ذلك؟

للإجابة عن ذلك نقول إنه في الحالة الأولى –أي تمام عملية الشراء فيما بعد- لم يعد هناك ظلم، وأن الضرر قد زال، كما أن الأجرة وإن كانت أكثر قد تم الاتفاق عليها بين الطرفين، أو بعبارة أخرى: أن التراضي قد تحقق، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:٢٩] .

وأما الحالة الثانية –أي عدم إتمام عملية الشراء - فإن العدالة تقتضي أن يرد المؤجر على المستأجر مقدار ما يدفع عنه الضرر الواقع عليه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) (١) ، بل إنه إذا وجد وعد فإن آثار القول بإلزاميته تكمن في إجبار المخلف وعده إما بإتمام عملية العقد، أو بتحمل الأضرار التي ترتبت على ذلك.

ولكننا نرجح عدم اللجوء إلى هذه الصور، وإنما الاكتفاء بالصور التي يتم فيها التعاقد على أساس الإجارة الحقيقية من حيث الأجرة وبقية شروط الإجارة، ثم إعطاء الحق، أو الخيار للمستأجر بشراء العين المستأجرة بسعر السوق، أو بالسعر المتفق عليه.


(١) حديث صحيح رواه أحمد في مسنده: ١/٣١٣، ٥/٣٢٧؛ وابن ماجه في سننه، كتاب الأحكام: ٢/٧٨٥؛ ومالك في الموطأ كتاب الأقضية، ص٤٦٤؛ وقال الألباني في الإرواء: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>