للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركن الثاني-الصيغة:

عرف صاحب اللباب صيغة الإجارة فقال: "هي لفظ، أو ما يقوم مقامه، يدل على تمليك المنفعة بعوض" (١) ، وقد أطال الفقهاء النفس فيها ولاسيما في الألفاظ التي تنعقد بها الإجارة مثل لفظ الإجارة والكراء، حيث تنعقد بهما دون خلاف، وهل تنعقد بلفظ البيع؟ فيه خلاف (٢) .

فجمهور الفقهاء على أن الإجارة تنعقد بأي لفظ دال على المقصود بالإجارة، لأن العبرة في العقود بالمقصود والمعاني لا بالألفاظ والمباني، ولذلك تنعقد بـ (وهبت منافعها لك شهراً بألف درهم) ، و (بعتها لك لمدة شهر بمائة درهم) ، أو نحو ذلك مما يفهم منه بوضوح حسب العرف السائد معنى الإجارة ومقاصدها (٣) .

وكذلك تنعقد بالكتابة، وبالإشارة المفهومة بالنسبة للأخرس بالاتفاق، ولغيره على الراجح، وكذلك تنعقد بالبذل، والمعاطاة عند الجمهور، مثل لو دفع ثوبه إلى خياط ليخيطه، ففعل، ولم يتكلم أحدهما بشيء، فالإجارة صحيحة مادام ذلك معروفاً بالعرف، ويكون له أجرة المثل عند البعض، أما لو تكلم أحدهما فذكر الصيغة الدالة على المطلوب وسكت الآخر فإن العقد صحيح، ويكون له المسمى (٤) .

ثم إن الصيغة يعبر عنها بالإيجاب والقبول، فالإيجاب عند الجمهور هو التعبير الصادر عن المؤجر، وعند الحنفية هو الصادر عن الأول، والقبول هو التعبير الصادر عن المستأجر، وعند الحنفية هو الصادر عن الثاني (٥) .


(١) مواهب الجليل: ٧/٤٩٤.
(٢) يراجع: الفتاوى الهندية: ٤/٤١٠؛ والموسوعة الفقهية الكويتية: ١/٢٥٨؛ ويراجع لموضع الإكراه: مبدأ الرضا في العقود: ١/٤١٠ وما بعدها.
(٣) يراجع لمزيد من التفصيل في الألفاظ ومبانيها: مبدأ الرضا في العقود: ٢/٨٣٧-٩١٦.
(٤) الفتاوى الهندية: ٤/٤٠٩؛ ومواهب الجليل: ٥/٣٩٠؛ والروضة: ٥/١٧٣؛ والمغني: ٥/٤٣٤؛ ويراجع لتفصيل ذلك: مبدأ الرضا في العقود: ٢/٩١٧-٩٩٤.
(٥) يراجع: فتح القدير مع شرح العناية: ٥/٧٤؛ والفتاوى الهندية: ٣ /٤؛ ومواهب الجليل: ٤/٢٢٨؛ والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: ٣/ ٤؛ والمجموع للنووي: ٩/١٦٢؛ والغاية القصوى: ١/٤٥٧؛ والإنصاف: ٤/٢٦٠؛ ومبدأ الرضا في العقود: ١/١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>