وكذلك التعليق لأن الصيانة ليست إلا استعداد الصائن لتحقيق ما يرغب فيه الملك. كما أنه لا يوجد في عقد الصيانة صفقتان في صفقة، على أن حديث النهي متكلم في سنده وأن فقهاء الشيعة يقولون بجواز الجمع بين العقدين في عقد واحد. والنتيجة المستخلصة هو جواز هذا العقد ومن ذهب إلى حصر المعاملات الصحيحة على المعاملات الموجودة في وقت وجود النص الحكم.
الشرط الثالث في ربط عقد البيع أو الإجارة بالصيانة، قالا:"هذا العقد مرتبط بشرط وهو صحيح، لكن ترد عليه الإشكالات المبنية في الشكل السابق، وبما أن الإجابة عنها تختلف عن طريقة الفرع السابق فلابد من العناية بتنزيل الإجابة عن تساؤل خاص".
قالا:"فأما الغرر فإنه خاص بالمعاملة الأصلية لا يتناول الشروط الضمنية التي لا تؤثر في الأصل، وبينا ذلك بالمثال باعتبار القيمة الضئيلة المترتبة على الشرط، وعدم معلومية طرو العيب ليس في ذلك خطر عرفا ولأنه يعرف بالتجربة المقربة من اليقين".
وأما التعليق فالتعليق غير موجود لأن شرطه (الالتزام) ، والالتزام هنا منجز ولأن الشرط هو عنوان الصيانة مثل الحراسة، ولأن المستند في اعتبار التنجيز في المعاملات هو الإجماع، ولكن محل الإجماع، أصل العقد لا الشرط، وما يصحح التعليق بالشرط ما ذكره أهل البيت. أما صفقتان في صفقة اعتمادا على الحديثين، النهي عن بيع وشرط وعن صفقتين، فإن الحديثين غير ثابتين عندنا من حيث السند وغير معمول بها عند علمائنا، ولو كان الأمر ممنوعا لاشتهر هذا كشهرة الربا، وينبغي فهم النهي عن بيع وشرط بأنه هو شرط خاص كان متداولا في عصر النبوة لا يقبل شرعا.
أما الشرط الثاني وهو ارتباط شرط الصيانة مع البيع أو الإجارة بما يشمله من قطع غير إلى مدة معلومة، وقالا: هذا الشرط هو صحيح بشموله على الأدلة العامة للوفاء بالعقود. إلا أن هذا النوع قد يكون الصائن هو الصانع وهذا لا إشكال فيه عندنا، كما يمكن أن يكون بائع تحصل على معدات من الصانع فكيف يلزم بالصيانة وهو غير قادر عليها؟ والشرط غير المقدور عليه باطل. قالا:"ولكن هذا الغرض لا إشكال فيه أيضا، لأن المشتري من الصانع يكون قد اشتراط شرطا موثقا أو ضمنيا إن الصانع يلتزم بالصيانة فهذا الشرط الارتكازي يكون البائع الثاني متمكنا فيه بالوفاء به.
البحث الثالث الذي يجري في نفس الاتجاه هو بحث الأستاذ منذر قحف، وبحثه دسم وأطال في المقدمة فتحدث عن تطور مفهوم الصيانة حتى شملت مرحلة الخدمات، وقد أعطى مثالا عن ذلك: اتفاق شخص مع المستشفى ليقوم له صيانة عامة لبدنه لفترة محددة، أو العناية بالحامل إلى الوضع، وقد يستعين المتعاقد معه لتحقيق ما عقد عليه بإبرامه هو عقدا من الباطن، كما أن الصيانة تكون بعقد مستقل أو مرتبط بصفقة البيع. ثم ذكر معنى الصيانة وأنها إصلاح الشيء المعمر كلما أصابه خلل في أداء الوظائف المعد لها، ومضمون عقد الصيانة كما قال:"إن المضمون هو إصلاح الآلة حتى تودي وظائفها بنفس الكفاءة والجودة، وقد يشمل عقد الصيانة تقديم قطع الغيار إضافة للإصلاح".