للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تعرضا إلى بيان أن الصيانة لها أشكال متنوعة. الشكل الأول: أن يرتبط المالك والصائن بعقد يلتزم فيه الصائن بتقديم الخدمات وتبديل قطع الغيار، ولم يبينا هنا فقط من يدفع ذلك، ويلتزم المالك بدفع أجر. وحكم هذا العقد يبحث فيه بطرق ثلاث: عرضه على العقود الشرعية المعروفة، استنباط حكمه من قاعدة من القواعد العامة المعتبرة، ثم بالاعتماد على الأصول العملية.

قالا: فإن عرضنا عقد الصيانة على الإجارة فإننا نجد عقد الصيانة يختلف عنها، باعتبار أن من محتوياته قطع الغيار فاجتمعت المنفعة، ولما للعرف مكانة ومرجعية، فإنه لا يرى دخول عقد الصيانة في الإجارة، لأنها سلطنة فعلية منجزة عن منفعة ولا توجد هذه السلطنة في عقد الصيانة.

وبما أن التشابه بين عقدين لا يجعلهما شيئا واحدا، فإرجاع هذا العقد إلى الجعالة أو هبة الثواب أو الصلح، لا يخلو عن تعسف، ولذا فإن عقد الصيانة عقد جديد لا يصهر في بوتقة أي عقد آخر، وبهذا الاعتبار فلا بد من توفر أركان وشروط العقد فيه.

ثم عرضنا عقد الصيانة على القواعد العامة فقالا: هو عقد لابد بالوفاء به عملا بالآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ] المائدة:١ [، والحديث النبوي الشريف: ((المسلمون عند شروطهم)) .

والعبرة في العقود بالنصوص الشرعية، والإشكال في هذا العقد هو اشتماله على الغرر والتعليق. فالغرر هو في الجهل المسبق للخلل وقطع الغيار، أما التعليق فلكون الإصلاح معلق على طرو العيب، ولذا فإن المعاملة باطلة لاشتمالها على محظورين.

قالا بعد ذلك: وهذه النظرة الأولى يصور بها التأمل، ويصح العقد لأن المعقود عليه هو الاستعداد طول الفترة المتفق عليها على الإصلاح، والنسبة المئوية لاحتمال طرو العيب في الأجهزة معلومة، أو قابلة للتخمين من خلال التجربة.

ولهذا فقد انتفت الجهالة على أن حديث النهي عن بيع الغرر هو خاص بالبيع، زيادة عما في سنده من مقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>