للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- الذبح من القفا: اختلف فيه إن وصل الذابح إلى ما يجب قطعه في الذبح، فعن أحمد أنها لا تؤكل، وهو مفهوم كلام الخرقي، وحكي هذا عن علي وسعيد بن المسيب ومالك وإسحاق، قال إبراهيم النخعي: تسمى هذه الذبيحة (القفينة) ، وقال القاضي: إن بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمريء حلت وإلا فلا، ويعتبر ذلك بالحركة القوية، وهذا مذهب الشافعي (١) وصحح هذا الرأي صاحب المغني معللًا إياه أن الذبح إذا أتى على ما فيه حياة مستقرة أحله كأكيلة السبع والمتردية والنطيحة، وأنه لو ضرب عنقها بالسيف فأطار رأسها حلت بذلك حسبما نص عليه أحمد، إذ قال: لو أن رجلا ضرب رأس بطة أو شاة بالسيف يريد بذلك الذبيحة كان له أن يأكله، وقد روي عن الإمام علي كرم الله وجهه أنه قال: تلك ذكاة وَحْيَة.

وأفتى بأكلها عمران بن الحصين، وبه قال الشعبي وأبو حنيفة والثوري، ونقل أبو بكر عن الإمام أحمد قولين فيها، وصحح أنها مباحة لأنه اجتمع قطع ما تبقى الحياة معه مع الذبح فأبيح، وعضد ذلك بما روي عمن ذكر من الصحابة من غير مخالف، وفرع عنه صاحب المغني ما لو ذبحها من قفاها فلم يعلم هل كانت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمريء أولا؟ أنه ينظر فإن كان الغالب بقاء ذلك لحدة الآلة وسرعة القتل فالأولى إباحته، لأنه بمنزلة ما قطعت عنقه بضربة السيف، وإن كانت الآلة كالة وأبطأ قطعه وطال تعذيبه لم يبح، لأنه مشكوك في وجود ما يحله، كما لو أرسل كلبه على الصيد فوجد معه كلباً آخر لا يعرفه (٢)


(١) المغني: ١١/ ٥٠
(٢) المغني: ١١/ ٥٠، ٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>