مبدأ التحكيم في الخلاف وموقف الفرق الإسلامية في مشروعيته
بينا فيما سبق مذاهب الفقهاء من أهل السنة والجماعة في التحكيم وذكرنا استدلال الماوردي على صحة التحكيم بجملة أمور منها قوله: إن علي بن أبي طالب لما حكم في الإمامة كان التحكيم فيما عداها أولى واستدل أيضًا بتحكيم أهل الشورى فيها عبد الرحمن بن عوف وذكرنا تفصيلات هذه الواقعة ولهذا اتفق أهل الفقه والدين من أئمة المسلمين على جواز التحكيم مستدلين بقوله تعالى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[المائدة:٤٢] .
- وحكوا في سبب نزولها ثلاثة أقوال -:
الأول: أنها نزلت في شأن أبي لبابة حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة فخانه.
الثاني: نزلت في شأن بني قريظة والنضير، وذلك أنهم شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن النضير يجعلون خراجنا على النصف من خراجهم ويقتلون منا من قتل منهم، وإن قتل أحد منهم أحدًا منا ودوه أربعين وسقا من تمر.
الثالث: أنها نزلت في اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن رجلًا منا وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ فقالوا: نفضحهم ويجلدون.))
قال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة، فأتوا بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يديك فرفع يده فإذا آية الرجم تلوح فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما (١)