الأمر السابع: موضوع الضمان. هناك نوعان من الضمان، هما: الضمان الابتدائي ويصل إلى حد ١ أو ٢? من قيمة العرض، ويقدم مع العرض لغرض التأكد من جدية اشتراك المتعهد في المناقصة والتأكد من التزامه، ومن حق الجهة صاحبة المناقصة مصادرة مبلغ هذا الضمان إذا سحب العرض قبل البت النهائي، ويرد هذا إلى أصحاب العروض الأخرى، أما صاحب العرض الفائز فيرده إليه ليغيره إلى ضمان دائم، إلى ضمان الانتهائي.
الضمان الانتهائي يصل إلى حد ٥? مثلاً من قيمة العقد يقدم خلال مدة يرد إلى صاحبه بعد أن ينفذ مصب العقد. والضمان قد يكون نقديًّا، أو بشكل شيك مصرفي، أو بالاقتطاع من مبالغ مستحقة، أو بشكل خطاب ضمان مصرفي، أو بتعهد من شركة تأمين. الإشكال هنا إنما هو في أجرة خطاب الضمان وقد بحث المجمع هذا المعنى، وهي ممنوعة إلا أن هذا المعنى خارج عن مصب هذه المعاملة، يعني هذا أمر آخر جانبي خارج عن المعاملة، وقد أكد الدكتور المصري أن من غير الممكن الحصول على خطاب ضمان في هذا العصر بلا أجر.
ورغم أن المجمع قد رفض الأجر على الضمان إلا أنني شخصيًّا وقد قلت آنذاك: أعتقد أنه لا مانع منه وهناك تخريج فقهي له. والشيخ الجواهري أيضاً يخالف أخذ الأجرة على الضمان، ولا زلت أعتقد أن هذا الخطاب يعزر من قيمة التزامات المقاولين وهو أمر محترم عرفاً ويمكن المقابلة بالمال. على أي حال هذا أمر خارج. ولكن ما هو التكييف الشرعي لمصادرة خطاب الضمان عند التخلف؟ هذا داخل في نفي العمل. يرى الأستاذ المصري أنها تشبه مصادرة العربون عند النكول.
وقد أقر المجمع جواز ذلك بقيد مدة محددة. أما الشيخ الجواهري فيرى أن البنك قد كفل وضمن شرط المشترط في حالة عدم قيام المشترط عليه بأداء الشرط وهو الالتزام بالمناقصة عند الرسو. ولكن هذا الضمان –كما يقول- ليس هو الضمان المصطلح الذي فيه خلاف بين المذاهب، وليست هذه هي كفالة إحضار الطالب بل هو ضمان عرفي يحقق موجبه الشرط المشترط على الطالب عند عدم قيامه بأدائه فهو مثل ضمان الأعيان المغصوبة، الأعيان المغصوبة إذا كانت موجودة لا تدخل في الذمة لكنها إذا تلفت تدخل في الذمة، التي لا تشغل الذمة بها ما دامت العين موجودة والضمان هنا هو التعهد بأدائها ويترتب عليه اشتغال ذمة المتعهد بقيمتها عند تلفها.
قد يقال: إن الطالب للضمان الابتدائي من البنك هو المشترك في المناقصة، وهو بعد لم يرتبط مع الجهة بعقد فلا يمكن إلزامه بشرط ليضمنه البنك ويعود الالتزام وعداً ابتدائيًّا غير ملزم ويعود تعهد البنك أيضاً غير ملزم. ولكن الجواب هو أن تعهد المقاول للجهة مشمولاً نفس تعهد المقاول للجهة بعموم (أوفوا بالعقود) وقد فسر بالعهود. كان يمكن أن يكون عربوناً، ويمكن أيضاً أن تشترط الجهة الداعية للمناقصة في عقد بيع المعلومات أخذ مبلغ من المال ويكون الشرط ملزماً؛ لأنه جاء في عقد سابق ملزم. هذا أيضاً ما ذكره الشيخ الجواهري بشيء من التفصيل، لكني أعتقد أن خطاب الضمان نفسه يمكن أن يتم عليه عقد، وأنه يقدم عند البدء في قبل السماح للعارض بالحصول على هذه الفرصة في إطار عقد آخر يندرج ضمناً في عملية المعاوضة. ويبعد تفسيره للعربون؛ لأن العربون يشكل بالتالي جزء الثمن، أما بالنسبة لخطاب الضمان الانتهائي فهو صحيح مشمول لعموم (المؤمنون عند شروطهم) ضمن عقد ملزم، ولا مشكلة فيه إلا مشكلة أجرة الخطاب، خطاب الضمان، وما قلناه هناك نقوله هنا.