بالإضافة إلى أن المشتركين في هذه العقود هم من أهل الخبرة الذين لهم سابقة جيدة في هذه المعاملات السوقية فيكون ادعاء الغبن مثلاً هنا غير مسموع عادة، فلا يثبت خيار الغبن فيها من هذه الناحية أيضاً.
اختلاف المناقصة عن البيع: وإذا نظرنا بمنظار آخر للمناقصات نراها أنها عبارة عن قسم من البيوع، حيث إن البيع قد يكون مع طرف خاص من غير أن يعرض المشروع في شراء السلع للآخرين. كما تكون المناقصات قسماً من بيع السلم أو الاستصناع أو الإجارة أم الاستثمار حيث قد تكون هذه العقود الأخيرة من غير أن يعرض مشروعها للآخرين.. وبهذا اتضح أن المناقصات قد تكون أعم من البيع كما قد تكون أخص منه من ناحية أخرى. فبين المناقصة والبيع عموم وخصوص من وجه فيتفقان ويختلفان، وكذا تكون هذه النسبة بين المناقصة والسلم، والمناقصة والشركة (مضاربة، مساقاة، مزارعة) .
التكييف الشرعي للمناقصات:
إن المناقصات التي قد لا يكون لها أثر شرعي خاص في كتب الحديث، يمكن الاستدلال على صحتها ومشروعيتها بعمومات {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} و {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} و {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} بعد وضوح كونها من مصاديق البيع والتجارة والعقد عرفاً، حيث إن المشتري أراد الوصول إلى مقصوده، وكذا المستأجر، وكذا الطرف الآخر البائع أو مقدم الخدمات إلى الآخرين يريد الحصول على نتيجة عمله متمثلاً في النقد أو أي شيء آخر، وإذا اتضح أن المعاملة الجارية بصورة المناقصة هي بيع أو إجارة أو مزارعة أو مضاربة أو مساقاة أو غير ذلك، فالدليل الذي دل على صحة هذه العقود من الأدلة العامة أو الخاصة هو نفسه الدليل على صحة هذه المناقصة بشرط أن تسلم أصول العقد وتحقق أغراضه. وسوف نرى فيما يأتي أن ما اشترط في عقد المناقصة هل يخل بأصل العقد أو لا؟
ثم إن المناقصات تستهدف في حقيقتها المحافظة على المنافسة الشريفة في خفض الأسعار لصالح طالب السلعة، أو خفض الأجرة لصالح طالب العمل، وهذا العمل قد يتعين في الشريعة الإسلامية إذا كان الغرض منه الشراء للأيتام بواسطة الحكام أو الوصي أو القيم، لما فيه من توقع الشراء بأقل ودفع التهمة.
وكذا قد يتعين هذا العمل في الشراء أو إنجاز العمل لمؤسسات الدولة كالأوقاف والمؤسسات العامة كالمدارس، وإن لم يتعين فلا أقل من استحبابه في مثل الصورة المتقدمة لما فيه من تحقيق المصلحة العامة أو مصلحة المتولى عليه أو دفع التهمة على المباشر في بعض الصور.
هل هناك تعارض بين صحة عقود المناقصات والنهي عن الدخول في سوم الأخ؟
هناك طائفتان من الروايات قد يقال بتعارضها مع عقد المناقصة وهما: