للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحطاب: (ذكر ابن أبي زيد أن من أقرضته دراهم فلوس، وهو يوم قبضها مئة بدرهم، ثم صارت مئتين لم ترد عليه إلا عدة ما قبضت، وشرطكما غير ذلك باطل) (١) الشاهد هنا هو قوله: (وشرطكما غير ذلك باطل) ، فهو نص صريح مباشر في الربط من جهة وفي عدم شرعيته من جهة أخرى، ورغم صراحة هذه العبارة في عملية الربط إلا أنها وبكل أسف غير مفصلة، فلم توضح تبرير بطلان هذا الشرط، لكن يمكن معرفة ذلك من خلال دراسة قضية الشروط في العقد.

قال ابن رشد: لو قال: أبيعك ثوبي هذا بعشرة دراهم من صرف عشرين درهماً بدينار، قال ابن القاسم: البيع صحيح، ويلزمه نصف دينار، تحول الصرف كيفما حال –أي مهما كان سعر الصرف الجديد- حيث إنه أوجب له ثوبه بنصف دينار (٢) ، وقد أيد ابن رشد موقف ابن القاسم هذا، والشاهد هنا ظهور مسألة الربط، حيث عند التعاقد شرط أو حدد البائع أن يكون الثمن هو عدد معين من عملة ما منظور إليه في ضوء سعر صرفه بعملة أخرى، وهذا ربط بعملة مغايرة، ثم قال: البيع صحيح، والأهم أنه يبين أن الذي له هو العملة المربوط بها وهي الدينار وليس العملة المباع بها ظاهرياً وهي الدراهم، وأوضح أن له ما ربط به مهما تحول أو تغير سعر الصرف.

وقد تعرض ابن رشد لهذه المسألة مرة أخرى فقال: سئل –أي ابن القاسم - عمن له على رجل عشرة دراهم مكتوبة عليه من صرف عشرين بدينار، فقال: أرى أن يعطيه نصف دينار، بالغاً ما بلغ من الدراهم إذا كان الدين من بيع، أما إذا كان من سلف فلا يأخذ منه إلا مثل ما أعطاه، وفسر ابن رشد بعض كلام ابن القاسم بقوله: إن ذكر (من صرف عشرين بدينار) معناه أنه لم يسم الدراهم (العشرة) إلا ليبين بها الجزء الذي أراد البيع به من الدينار فله ذلك الجزء (٣) لاحظ أنه رغم أن الصك مكتوب بعدد معين من عملة معينة لكن ذلك كله مربوط بسعر صرف معين من عملة أخرى، وهنا روعي العمل بالعملة الأخرى إذا ما كان الدين من بيع، أما إن كان من قرض فليس له إلا مثل ما أخذ؛ أي عشرة دراهم أو ما تعادله عند السداد من ذهب.


(١) الحطاب: مواهب الجليل: ٤/ ٣٤١
(٢) ابن رشد: البيان والتحصيل، بيروت، دار الغرب الإسلامي: ٧/ ٢٣
(٣) البيان والتحصيل: ٦/ ٤٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>