للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه مهم:

يكاد يجمع الذين عينوا وظيفة الحكومة على أن عليها أن تحقق سعادة الإنسان وتؤمن راحته وحتى الذين نادوا بنظم الحكم التي تعمل لصالح المجتمع أرادوا من خلال ذلك أن يوضحوا أن راحة الفرد تكمن في تحقيق الاحتياجات الاجتماعية.

وكل هذا التركيز على سعادة الفرد وراحته يكمن في أنه حق طبيعي له ـ كما يعبر جون لوك ـ وعندما نركز على الحق نفسه ونتساءل عن علة كونه حقًّا لا نجد لذلك موضحًا إلا أن نقول:

إن الإنسان يمتلك في أعماق وجوده طاقات فطرية تهيئه لأن يسير مسيرة كمالية بملء إرادته وشعوره، وهذا يعني أنه يستحق أن يفسح له المجال للوصول إلى كماله، مثلًا الإنسان له أن يعرف، وفي أعماقه دوافع للمعرفة , فإذا منع من ذلك فقد منع من حقه، وفي الإنسان دوافع خلقية ووجدان عملي يعين له الحسن والقبيح , فإذا منع من السير الطبيعي وِفْقَه فَقَدَ من حقه، ومن هنا ركز الفلاسفة على أن كل موجود يولد وقد وصل إلى كماله النفسي فعلًا إلا الإنسان فإنه يولد موجودًا يحمل الاستعدادات النفسية الهائلة التي يسير إليها طبق نظام منسجم مع أهدافه الكمالية.

فإذا كانت الإيديولوجية التي يحملها المجتمع بهذا وترى أن لمجموع الإنسانية غاية عظمى فإن حق الإنسانية على ضوء هذا سوف يوجب على الدولة أن تنظر في أمر تنظيم شؤون الفرد الحاضر والمجتمع الحاضر في مسيرتها نحو الكمال كما تخطط لئلا تغلق على الأجيال الآتية أبوابًا تسير من خلالها إلى الكمال. وعلى أساس من هذا تكون مسؤولية الحكومة كبيرة جدًّا ومسؤولية وضع النظام تعمل عليه الحكومة أكبر من ذلك. وللحديث عن رأي الإسلام في وظيفة الحكومة مجال واسع.

إن التربية العقائدية والتخطيط لمستقبل الأجيال يعد أهم وظيفة تقوم بها الحكومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>