للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقطة الثانية: وهي نقطة هامة جدًّا يجب التركيز عليها وملخصها:

إننا إذ نرفض الشبهات الماضية ونرفض القبول المطلق لكل ما جاء، نمتنع ـ في نفس الوقت ـ عن تسليم السنة ـ حتى الموثوق بها ـ إلى كل فرد مهما كان مستواه، وفسح المجال له ليفهم منها ما يشاء وينسبه إلى الإسلام، فإن هذا المنحى خطر جدًّا وإن كان دعاته اليوم كثر في عالمنا الإسلامي متذرعين بأن الإسلام لكل الناس , فلماذا تحصرونه بأيدي عدة قليلة، خالطين بذلك بين هذا وبين كيفية فهم الواقع الإسلامي واستنباطه من النصوص. مثلهم في هذا مثل من يدعو لتسليم الذرة لكل من يطلبها ليستخدمها كيف يشاء بحجة أنها وجدت لصالح الجميع!

إن ملاحظة ما سبق، وإدراك احتياج فهم الواقع الإسلامي من الكتاب والسنة الشريفة إلى دراسات تخصصية معمقة في المجالات اللغوية والفقهية (أصولًا وفروعًا فقهية) والتفسيرية والرجالية وغيرها لهو مما يمنع بتاتًا من نفي التخصص والخبرة وعدم الركون إليهما.

وإننا لننبه أمثال هؤلاء إلى الآثار الخطيرة التي تنجم عن رأيهم هذا من:

شيوع الفهم القاصر للإسلام، وفقدان العمق والأصالة التي تميزه عن غيره، وفسح المجال للأهواء أن تتلاعب بالمقدرات الإسلامية، وعدم قدرة الصور الناتجة على الصمود أمام الإشكالات والشبهات.

هذا بالإضافة إلى أنه يجعل المذاهب بعد الأفراد فويل للأمة من مثل هذا اليوم الرهيب.. يوم يفتي فيه العسكري، ويدلي فيه هذا الموظف برأيه في الإسلام وذاك الملك وهذا الرئيس وهم لا يمكلون مستوى فهمه واستنباطه.

إننا نسأل هؤلاء:

هل تستطيعون أيها السادة أن ترونا مبدأ فيه بعض ما في الإسلام ولا تخصص فيه؟

إننا نؤكد لزوم الحاجة إلى الأخصائيين الإسلاميين ونسميهم بـ (الفقهاء) ، ولزوم أن يكونوا عدولًا لا يذعنون لهوى نفسي، ولا يركعون أمام ظالم أو طاغوت، ويتجلى هذا اللزوم في الميادين التالية:

(أ) ميدان فهم الأحكام والنظم الإسلامية للحياة الإنسانية، واستنباطها من منابعها الرئيسة.

(ب) مجال القضاء وفصل الخصومات.

(جـ) مجال قيادة الأمة، فلا يمكن تسليمها لجاهل بالإسلام غير إخصائي فيه. إذ الإسلام تجربة حياتية بشرية كبرى لا يمكن أن تقوم عليها إلا القيادة الواعية لها المؤمنة بها المطبقة لأحكامها المتشبعة بروحها.

وهذا بالضبط ما اصطلحنا عليه بمبدأ (ولاية الفقيه) والذي يعتبر تطبيقه في نظامنا الإسلامي الميزة الإسلامية الكبرى له والأساس الأول الذي أتحفنا بالوصول إليه ثورتنا الإسلامية الكبرى بتوجيهات وقيادة القائد الفقيه الكبير الإمام الخميني.

ومن هنا تؤكد المادة الخامسة من دستورنا الإسلامي ضرورة تسليم ولاية الأمر والأمة للفقيه العادل التقي، العارف بالعصر، الشجاع المدير المدبر الذي تميل إليه أكثرية الجماهير المسلمة وتذعن لقيادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>