وهذا القسم هو مدار حديثنا. فإن كان الطبيب قد قام بعمل دون إذن في حالة من حالات الطوارىء لإنقاذ حياة المريض أو إنقاذ عضو من أعضائه فقد نصت اللوائح على أنه لا عقوبة ولا ضمان على الطبيب إن تلف العضو أو هلك العليل إلا إذا أخطأ خطأ بينًا لا تحتمله مهنة الطب، ويقرر ذلك لجنة من الأطباء المختصين في هذا الفرع.
أما إن كان الطبيب قد قام بإجراء طبي في حالات عادية (ليست من حالات الطوارىء) دون إذن المريض العاقل البالغ أو إذن ولي القاصر أو المجنون أو فاقد الوعي فإن الطبيب يقع تحت المساءلة سواء أصيب المريض أم برأ من علته. وتقع عليه عقوبة من جهة الشارع (وزارة الصحة، نقابة الأطباء ... إلخ) لأنه تجاوز الإذن وقام بعمل غير مأذون فيه، ولا مبرر له فيه لإنقاذ حياة أو عضو.
وتقع عليه العقوبة بالإضافة إلى الضمان إذا أصيب العليل في بدنه أو نفسه. وتكون الدية في هذه الحال على الطبيب لأنه متعد سواء كانت الدية أقل من الثلث أو الثلث أو أكثر منه. ولا تحمل العاقلة من ذلك شيئًا إلا أن تطوع.
والمشكلة تثور في تقديري متى تكون عملية الإنقاذ ضرورية حتى تجري دون إذن، فعلى سبيل المثال هناك طائفة من النصارى هم شهود ياهو (Jehova Witnesses) يرفضون تعاطي الدم مهما كان السبب. وقد وافقت المحاكم في الغرب على عدم إنقاذهم بنقل الدم إلا إذا كان المصاب قاصرًا (دون سن ١٨ سنة) أو فاقدًا للوعي أو مجنونًا، فإن على الطبيب في تلك الحالة أن ينقل للمصاب الدم رغم معارضة ولي أمره.
من هو الذي لا يعتد برضاه؟
١- القاصر: ويختلف تعريف القاصر من بلد إلى آخر وتأخذ معظم البلاد في قوانينها سن ١٨ عامًا بينما تجعله بعض القوانين ٢١ عامًا. فعلى سبيل المثال حدد القانون المدني الكويتي (الفقرة الثانية من المادة ٩٦) سن الرشد بواحد وعشرين سنة ميلادية كاملة. ومع هذا فقد أباح القانون الكويتي للشخص العاقل البالغ ١٨ سنة ميلادية كاملة أن يتبرع بإحدى كليتيه.
وهل يعتد برضا الإنسان البالغ (الاحتلام أو الحيض وظهور العلامات الثانوية للبلوغ مثل شعر العانة والشارب واللحية ... إلخ) ؟ ومن المعلوم أن الفتاة قد تحيض في سن تسع سنوات، قال الإمام الشافعي:(أعجل من سمعت من النساء تحيض نساء تهامة يحضن لتسع) . وهو مذهب الإمام الشافعي، والإمام مالك وأحمد. وعند الأحناف أقل سن للحيض سبع سنوات.
فهل يعتبر رضا من بلغ كافيًا ولو كان سنه دون الخامسة عشر؟
يبدو أن هذه النقطة تحتاج إلى قرار من أصحاب الفضيلة العلماء في مجمعهم الفقهي الموقر حيث تختلف القوانين في هذه النقطة من بلد إلى آخر ولا يبدو أن هناك رأيًا متفقًا عليه بين الفقهاء حولها.