للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن بيع الوفاء بيع فاسد:

واختار القول بفساده ظهير الدين، وإنما يكون فاسدًا إذا اقترن شرط الوفاء بالعقد.

أما إذا التحق شرط الوفاء بالعقد كما إذا عقدا البيع بدون شرط وفاء ثم ذكرا شرط الوفاء، فإن البيع يكون بيع وفاء، إذ الشرط المفسد اللاحق بأصل العقد يلتحق عند أبي حنيفة، ولا يلتحق عند الصاحبين

وهل يشترط لإلحاقه عند أبي حنيفة أن يكون الالتحاق في المجلس أي مجلس البيع أو لا يشترط؟

جرى في ذلك خلاف بين علماء الحنفية في هذه المسألة فذهب السرخسي وأبو اليسر إلى اشتراط المجلس، وذهب صاحب الإيضاح إلى عدم اشتراطه وصححه البزازي في فتاواه.

وجاء في الفتاوى الخيرية ما يلي: صرح علماؤنا بأنهما لو ذكرا البيع بلا شرط ثم ذكرا الشرط على وجه العدة جاز البيع ولزم الوفاء بالوعد.

وأما إذا ذكرا شرط الوفاء قبل العقد ثم عقدا لم يبطل العقد، ولعل من الأمثلة التي توضح ما ذكره فتوى الخير الرملي - وقد سئل عن رجلين تواضعا على بيع الوفاء قبل عقده، وعقدا البيع خاليًا من الشرط؟ فأجاب: بأنه صرح في الخلاصة والفيض والتتارخانية وغيرها بأنه يكون على ما تواضعا بيد أنهما لو اتفقا على بناء العقد على شرط الوفاء فإن العقد يكون فاسدًا (١) .

ومما ينبغي ذكره هنا أن القائلين بأنه بيع فاسد اختلفوا بالنظر إلى ما يترتب عليه من الآثار والنتائج فمنهم من أعطاه أحكام البيع الفاسد كلها حتى فوات فسخه ببيع مشتريه بيعًا باتًّا. ومنهم من استثنى هذا منها وألحقه فيه ببيع المكره، وبيع المكره لا يمتنع حق الفسخ فيه بوجه من الوجوه، وللمكره أن ينقض كل تصرفات المشتري والعلة الجامعة بين الوفاء وبيع المكره عدم الرضا، ومن هنا قال هؤلاء أن بيع الوفاء لا يفوت بالبيع ولو تكرر فيه، ولهذا الإلحاق ذكره الزيلعي في باب الإكراه فقال: ومن مشائخ بخارى من جعل بيع الوفاء كبيع المكره منهم الإمام ظهير الدين والصدر الشهيد حسام الدين، والصدر السعيد تاج الإسلام، وصورته أن يقول البائع للمشتري: بعت منك هذا العين بدين لك عليَّ على أني متى قضيت الدين فهو لي فجعلوه فاسدًا باعتبار شرط الفسخ عند القدرة على إيفاء الدين يفيد الملك عند اتصال القبض به، ونقض بيع المشتري كبيع المكره لأن الفساد باعتبار عدم الرضا فكان حكمه حكم بيع المكره (٢) .


(١) راجع رد المحتار، لابن عابدين: ٤/١٢٠، ١٢١؛ والفتاوى البزازية مع الفتاوي الهندية: ٤/٤٠٧، إذ باعتماد على هذين المصدرين مع البحر الرائق، لابن نجيم تسنى لي تحرير المسألة كما جاء في الصلب فإن كان صوابًا فمن فضل الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله أعلم وأحكم.
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: ٥/١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>